في فترة دراستي في مجال علم العلاقات الدولية حضرت العديد من المحاضرات و قمت بمراجعة عدد لا بأس به من الكتب و المقالات علمية , و أغلبهم أحتفظ بهم بالفلاش ميموري الخاص بي , و شخصيا أحب أن أقرأ للمدونات التي تقدم المعلومة و الأشياء التي تثير الاهتمام سواء من أدب أو فن أو أخبار ... إلخ بنفس الوقت , لذا من حين لآخر سأنشر بعض مما احتفظ به من مخزون علمي كتنويع لمحتويات المدونه و أيضا لاضفاء قيمة علمية عليها.
و أول ملف سأشاركه عبارة عن تلخيص أعددته لندوة نظمتها وحدة الدراسات الآسيوية – اليابانية التابعة لجامعة الكويت بتاريخ 2009-4-14 الساعة 9:30 صباحا في القاعة الدولية. و حاضر فيها الاستاذ الدكتور / شان كيم كونج من جامعة هونج كونغ , و كان عنوان الندوة :
التحولات السياسية الخارجية الصينية
Feng Shui Dragon
بدأت الندوة بديباجة ألقاها الدكتور عبدالله سهر ، فقد تحدث عن عالم الأمس الثنائي القطبية و كيف اننا اليوم نشهد عالم ذو ملامح مغايرة . ثم بدأ يتكلم عن التجربة الصينية واصفا إياها بأنها تجربة فريدة من نوعها ، و لم تحدث في تاريخ البشرية ! ثم طرح عدد من التساؤلات المهمهة حول الصين مثل : هل الصينيون كانوا قادرون على التنبؤ بما سيحدث في العالم بقيادة موتسي تونج؟ و هل ستتمكن الصين مرة أخرى من أن تحسن قراءة المستقبل و تنقذ العالم من الأزمة الاقتصادية الحالية ؟
و في كلمته تكلم عميد الكلية الأستاذ الدكتور عبدالرضا أسيري عن " العلاقات الكويتية – الصينية الراسخة " فالكويت كما يقول الدكتور سارعت ببناء علاقات مع الصين في فترة الحرب الباردة .
بعدها بدأ الدكتور / شان كيم كونج ندوته : اذ بدأ بذكر الجذور التاريخية للعلاقات العربية الصينية ، فهي تمتد لأكثر من 500 ألف سنة مضت ، فهي علاقة قديمة ، راسخة ، مرتبطة بالتجارة و ايجاد طريق الحرير .
ثم ينتقل ليوضح صورة الصين في عيون العالم ، لذا يذهب لأن يشرح مفهوم الانطباع - - impression فهو يقول بأن انطباعاتنا تشكل اتجاهاتنا و استعداداتنا تجاه أي شي – it ships our attitude toward china - ، و الصين هي دولة في تغير دائم و مستمر ، و ليصور لنا سرعة التغيير يشير المحاضر بأنه أحيانا يشعر أن الصين نفسها ليس بمقدورها أن تواكب أو ترصد هذا التغيير السريع ! لذا فإن التقدم السريع هذا سيقدم رؤى مختلفة عن دور الصين في العلاقات الدولية . و يذكر المحاضر مجموعة من الاحصائيات و الأرقام تبين ضخامة الدولة التي نحن بصدد الحديث عنها و تبين مدى التغيير الذي أصاب الولة ، فعلى سبيل المثال عام 1990 99% من الأنشطة التجارية في الصين كانت ملك للحكومة ، حايا نرى بأن 65% من الأنشة التجارية ملكية خاصة أي أن الحكومة تملك 35% فقط . الصين نجحت في المحافظة على نسبة تنمية ثابته مقدارها 8% على مدى الثلاثين سنه الماضية . في السابق كان سكان المدن يساوي 15% من سكان الصين ، اليوم 300 مليون نسه انتقلت للعيش في المدن !
ينتقل الحديث بعدها للأستاذ الدكتور محمد السيد سليم ليلخص ما يقوله الضيف باللغة العربية في عدد من النقاط :
- العلاقات الصينية العربية علاقات قديمة تمد إلى اكتشاف طريق الحرير .
- التحولات السريعة في الصين ستقدم رؤى مختلفة عن دور الصين في العلاقات الدولية .
- التقدم الصيني المميز فيه أنه رافقه استقرار سياسي على عكس كوريا على سبيل المثال .
و يعود بعدها الأستاذ كونج لاستكمال حديثه ليرينا تاريخ شكل النظام الدولي فيقول :
- العالم مر بثلاث مراحل :
1- 1980-1990 : كانت فترة الحرب الباردة ، و كان هنالك بروز لليابان و النمور الآسيوية كقوى اقتصادية .
2- 1990-2000 : شهدت بداية هذه الفترة سقوط الاتحاد السوفيتي و برزت الولايات المتحدة كدولة قوية مهيمنة و برز مفهوم العولمة .
3- 2000-2008 : بروز قوى جديدة على الساحة الدولية مثل الصين ، البرازيل ، الهند ، و روسيا . فبعد 11- سبتمبر اتجه العالم لأن يأخذ شكل متعدد الأطراف .
و يشدد المحاضر على اهمية القوى الاقتصادية في عالم المتعدد الأطراف ، و من هنا تأتي اهمية الصين ، فلم تعد القوى العسكرية تحتل الصدارة ، و ستترسخ هذه المقولة أكثر في السنوات القادمة حسب ما جاء في الندوة .
يعود المحاضرليحصر 3 صور images عالمية شائعة عن الصين – لكنه نبه في البداية أن الصين في فترة تغير مستمر كأنه يلمح إلى أن لا صورة تنطبق على الصين فعلا - :
1- حمامة وديعة the peaceful dove image .
2- تنين امبريالي empirical dragon .
3- فيل ضخم big elephant .
و أشار غلى أن الصورة الأولى و الثانية هما رؤيتان أمريكيتان ، أما الثالثة فهي رؤية أروبية ، فأوربا ترى بأن الصين كالفيل الضخم مسالم و لكن يجب اقتياده بحذر حتى لا يحدث الدمار و التكسير لما حوله .
أما عن دور السياسة الخارجية الصينية فيشير المحاضر إلى أن الصين تتبنى نظرية عالم التناغم " harmony theory " ، فالصين اليوم و بحكم قوتها الاقتصادية أصبحت واقعا يمس الجميع ، و عالم اليوم هو عالم التنوع و الdiversity لذا فالصين تؤمن بعالم التناغم بين الأقطاب المتعددة و المتساوية بالقوة . فلا دولة قوية واحدة تقود العالم super power . فالعالم سيكون فيه قوى اقليمية – regional powers - تقود و تنظم الساحة الدولية و تحرص على أمنها ، و هذه هي المقولة الأساسية في نظرية التناغم العالمي .
مرة أخرى يلخص الاستاذ الدكتور / محمد السيد سليم ما تم قوله في المحاضرة :
- الصين أصبحت اليوم قوة مؤثرة سواء أحببنا ذلك أو لا .
- محور النظرية الصينية هي عالم هارمني أي عالم من التناغم .
و لشرح سياسة الصين الخارجية يشرح الأستاذ كونج الأهداف الداخلية للصين منطلقا من أن أي سياسة خارجية لابد أن تكون مرتبطة بشكل أو بآخر بالأهداف الداخلية للدولة ، فما هي أهداف ولة الصين الداخلية ؟
- هدف الصين الأول هوالمحافظة على استقرار ال 1.3 مليون نسمة الذين يشكلون عدد سكان الصين : و يعلق المحاضر على هذه النقطة ليقول بأن" ابقاء هذا العدد الكبير من الناس بحالة مستقرة إنما هو هدف صعب جدا ، إلى درجة يصعب علي أن أتصور بأن هنالك من يريد فعلا أن يكون رجل حكومي في الصين ! " .
- هدف الصين الثاني الاحتفاظ بسلسلة التزويد بالطاقة energy supply chain و الحفاظ على الأسواق و المواد الخام .
لذا فإن سياسة الصين الخارجية تسعى : للحفاظ على الاستقرار و الأمن الإقليمي ، فالصين ليس لديها نوازع توسعية ، فبسبب حجم سكانها الكبير فإن أقصى ما تتمناه الصين هو البقاء على قيد الحياة – survive - . لذا فالصين تحافظ على علاقات جيدة مع الجميع و تسعى لأن لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى . و يعطي أ. كونج مثال على ذلك عندما حدثت الحرب الإيرانية / العراقية ، الصين أبقت على العلاقات الدبلوماسية مع كلا البلدين . لكنها في نفس الوقت لا تدخل في تحالفات مع أي كان ، فهي دولة توازن ما بين أقطاب العالم – plays a balancer role - و يصف كونج دورها بأنها أقرب لان تكون دولة وساطة- - mediation. لكن هنالك قضيتان حساستان بالنسبة للصينين ألا و هي قضية تايوان و قضية التبيت ، و هما خط احمر لا تسمح الصين بأن تتدخل أي دوله في شأنها الداخلي . فالصينيون في سياستهم الخارجية يحترمون شؤون الدول الأخرى الداخلية و هي تتوقع من الجميع ان يعاملوها بالمثل .
أخيرا يعود المحاضر ليؤكد على أهمية و تاريخ العلاقة العربية الصينية و أنها امتدت عبر آلاف السنين ، فلا يوجد ميراث يبن أن الصين كانت تسعى للسيطرة و الهيمنة على العرب ، كذلك فإنه لا يوجد توتر يشوب العلاقات بالنسبة للدين there is no religion tension . و ختم كونج محاضرة بالتنبيه من دور الإعلام في ترويج صور مغالطة عن الصين و ووجه دعوة للحضور بأن يزورو الصين بأنفسهم ليتعلموا عنها . فالصين دولة تتغير كل يوم و هو يخشى أن يسافر عنها لأيام معدودة ليعود و يراها مختلفة تماما .
تعود الكلمة للدكتور عبدالله سهر ، فيشكر المحاضر و يتوجه لأن يعرف بالمعقبين . و أول المعقبين كان الدكتور / محمود سريع القلم اذ بدا حديثه بأنه يوافق بشكل كبير مع الصورة التي رسمها الأستاذ كونج في رسم السياسة الخارجية و حب ان يضيف ثلاث نقاط يعتقد بأنهم مهمين و سيثرون الحوار .
النقطة الأولى :
أن الشرقيين كانوا دائما أحسن قدرة على فهم ديناميكية التغيير في العالم . فاليابانيين على سبيل المثال فهموا بأن لكي يصبحوا دولة مهمة و مؤثرة عليم بالتركيز على الثراء العالمي-the international wealth- . و يشير غلى أن الصين انتبهت لنقطة ألا و هي أن الديمقراطية و الحرية هي نتيجة للازدهار الاقتصادي و ليس العكس !
النقطة الثانية :
أنه على الساحة الدولية هنالك دولتان يحاولان البروز و ذلك بسبب احساسهم بضعفهم لذا فهم يحاولون أن يعكسو قوتهم to project power و دافهم المحفز لهذا الامر هو رغبتهم بتحسين اوضاعهم الداخلية ، و هاتان الدولتان هما الصين و الهند .
النقطة الثالثة :
أن الصين أبدت تفهما و نضوجا في تحمل المسؤولية المرافقة لبروزها كقوة – they understand the responsibility of power - .
بعدها عقب الدكتور محمد السيد سليم و أشار إلى أن الصين من الدول التي تعاملت مع الدول العربية فرادا و مجتمعين أي مع التنظيمات العربية و الاسلامية .
ختمت الندوة بعدد من التعليقات و الأسئلة من الحضور .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق