الخميس، 20 ديسمبر 2012

حاضر و ماضي و أمنستي !


لا أعلم إن كانت الطبيعة الإنسانية تنزح دائما للتركيز على الجانب السلبي في "الحاضر" بسبب واقعيته المفرطه ؟ أم أن "الماضي" يتنكر دائما و يقدم صورا أقل واقعية لنفسه و بالتالي يكون أجمل من الحاضر ؟ لكن ما أعلمه هو أن للماضي سحره الذي يلقي بظلاله على الحاضر دائما و أبدا , فمنه نتعلم , و به نكتشف أخطاءنا , و معه نشعر بعمق تجربتنا الإنسانية.

 احدى أحب القصص التاريخية إلي هي قصة تكررت على مسامعي كثيرا لكني أقدرها في كل مرة أسمعها لقوة المعاني و القيم في طياتها , و قد جرت أحداثها عام 1961, إذ التقت مصائر ثلاثة أشخاص عاديين لتكشف عن قوة الرابطة الانسانية التي تجمعنا , و عن قوة اللإرادة الفردية لشخص واحد في إحداث التغيير, فالفرد الذي يحمل في قلبه الشجاعة و الرغبة الصادقة في رفع الظلم عن أخيه الإنسان سيجد آلاف الأيادي التي تمتد له من العدم و تساعده في نيل هدفه النبيل.

بيتر بيتسن يشعل شمعة تلفها الأسلاك
"شعار أمنستي"
هذا بالضبط ما حدث مع المحامي البريطاني  بيتر بينيسن  , فبعد أن سمع عن سجن طالبين اعتقلا بسبب "رفعهما نخب الحرية", سطر بينسن مقالته التاريخية بعنوان (السجناء المنسيون) , و طالب من خلالها أصحاب الحس الإنساني بأن يستجيبوا لذلك الصوت الداخلي الذي ينزعج من قراءة أخبار في الصحف اليومية كتعرض أشخاص للإعتقال بسبب آرائهم أو معتقداتهم أو توجهاتهم السياسية , و يبدو أن كلماته نجحت في تحقيق مسعاها , و حظت المقالة بتفاعل عالمي سرعان ما تحول لشعار , فتجمع , إلى أن انتهت اليوم كمنظمة دولية غير حكومية  تعد من أبرز المنظمات في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم ألا و هي  "منظمة العفو الدولية" Amnesty  !!  


هنالك الكثير من العبر التي يمكن أن نستخلصها من هذه القصة مثل : الإيمان بالقوة الداخلية , الإيمان بالقيم النابعة من الفرد, مد يد العون للمظلومين ,  ... الخ لكن أهمها هو (المبادرة) فالسيد بيتر فارق الحياة في 2005 لكن الشمعة التي أضاءها لاتزال مشتعله لتضيء طريق المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم . 


ملاحظة :
منظمة أمنستي تستخدم أسلوب "كتابة رسائل المناشدة" في الدفاع عن حقوق الإنسان , و للمهتمين في المبادرة فليتفضل هنا 

الخميس، 13 ديسمبر 2012

كنفوشيوس




( أن تشعل شمعة واحدة خير لك من لعن الظلام) ... أعتقد أن الكثير منا يعرف هذه المقولة لكنه يجهل صاحبها!  في الحقيقة هو من أهم الشخصيات التاريخة , إذ احتل رقم 5 في دراسة مايكل هارت (الخالدون المائة) , و قد ولد عام 155 ق.م , و اسمه كونفوشيوس. 
كونفوشيوس كان معلما , و فيلسوفا , و ناشطا سياسيا. و قد سعى لإيجاد مجتمع متناغم و مستقر, ووجد أن ذلك يتحقق في اشراك المجتمع بنوع من أنواع الشعائر و التمسك بالفضائل الأخلاقية, و في هذا المجال يقول كنفوشيوس : " كلمة واحدة تلخص الأساس لحسن السلوك ... (حب الخير). لا تفعل للآخرين ما لا تريد أن يتم فعله بك."
و من أقواله المأثورة : 

- " عدم الرجوع عن الخطأ هو خطأ أكبر".
- "التعلم من غير تفكير جهد ضائع , و التفكير من دون تعلم أمر خطير".
- "حتى أعظم حيتان البحر ليس لديها أي قوة في الصحراء" .
- " من يتكلم دون تواضع سيجد صعوبة في جعل كلماته مسموعة" .
-" ليست العظمة في أن لا تسقط أبدا , بل في أن تنهض كلما سقطت".
- " العقل كالمعدة , المهم ما تهضمه و ليس ما تبتلعه".
-" اعتق ما أحببت , فإذا عاد لك فهو ملكك للأبد".
-"في ظل حكومة فاضلة يكون الفقر عار , و في ظل حكومة فاسدة يكون الغنى عار".

تجدر الإشارة إلى أن هنالك توجها ما بين المؤرخين يرى أن ما نقل وكتب عن كونفوشيوس غير صحيح أو مشكوك فيه و ذلك بسبب ضخامة عدد الأساطير و الأقوال التي نسبت له , و هو أمر متوقع , فالتاريخ مليء بالثغرات , و كلما زادت المسافة التاريخية بين الحاضر و الماضي , زادت الشكوك و الأسئلة! و بغض النظر عن المصدر تظل تعاليم كونفوشيوس إضافة للتراث الثقافي الإنساني يمكن انتقادها و تحليلها و الاستفادة منها. 

مصادر :
- الفكر الصيني من كونفوشيوس إلى ماوتسي تونغ . تأليف : ه. ج كريل . ترجمة : عبدالحميد سليم . ناشر : مكتبة الأسرة 2007 . 
http://ar.wikiquote.org/wiki/%D9%83%D9%88%D9%86%D9%81%D9%88%D8%B4%D9%8A%D9%88%D8%B3

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

سلسلة روايات (ذهب مع الريح)



لا أعتقد أني التقيت بفتاة تكره فيلم (ذهب مع الريح) , و إن وجدت هذه الفتاة أعتقد أن ذلك بسبب تفضيلها للرواية على الفيلم! و لا أعلم سر شعبية هذه القصة  لكني أتصور أن لها علاقة بكونها تقدم علاقة معقدة ما بين شخصيتين مليئتين بالتناقضات, (فسكارلت) امرأة مغرورة لكنها في الوقت نفسه تحمل صفات طفولية, و (ريت) رجل عصامي لا يعترف بالقواعد المجتمعية مما أكسبه سمعة سيئة لكنه في الواقع أكثر نبلا مما نتصور! أضف إلى ذلك عنصري الغيرة و المكابرة بإدخال طرف ثالث في العلاقة و هو (أشلي) , و استخدم بيئة ملحمية كإطار زمني للقصة ... حينها ستحصل على التوليفة لواحدة من أنجح الروايات على مر التاريخ!  
الشيء الذي قد يجهله البعض أن هنالك روايتين معتمدتين من أصحاب الحقوق الأدبية للرواية الأصلية: الأولى للروائية ألكزانرا ريبلي بعنوان (سكارلت) و قد أصدرت عام 1991 , و الأخرى للروائي دومالد ميكايج بعنوان (أناس ريت بتلر) و أصدرت عام 2007. 
و كلا من الروايتن تبدآن من حيث انتهت الرواية الأولى , فبالرغم من صدور (سكارت) إلا أن ميكايج اختار تجاهلها و البدء من جديد , أي أنك تحصل على تكملتين للجزء الأول عوضا عن سلسلة مترابطة , و بالرغم من أن كلا من الجزئين انتقدا بشدة من قبل النقاد المحترفين إلا إني فضلت (سكارلت) على (أناس ريت بتلر) , و ذلك بسبب كون الأخير لم يحافظ على ملامح الشخصيات الأصلية , بينما قدمت سكارلت شيئا مشابها للشخصيات الأصلية لكنها بالغت كثيرا في الأحداث لدرجة يصعب بها التصديق, و هو أمر ممكن أن أتجاوزه بالمقارنه مع عدم المحافظة على الشخصيات الأصلية التي دفعتني لاقتناء الروايتين بالأساس ! 
و باختصار فإن الدور المحوري في رواية سكارلت يعود ( لمامي) - مربيتها- في لم شملها مع ريت لكن الأحداث تبدأ بالتعقيد بانتقال سكارلت للعيش في بيت ريت بيتلر بالرغم من ابدائه عدم الموافقة على ذلك. أما رواية ريت بتلر فتركز على وجهة نظره في الأحداث و تعود للوراء  لحياة ريت ما قبل التقائه بسكارلت لنفهم سر شخصيته الغريبة.
 إن كنت من محبي الرواية الأصلية سيخيب أملك قليلا لكن في النهاية لن تقاوم اقتنائهما , لا لشيء بل لقوة نهاية الرواية الأصلية ... (ذهب مع الريح).



الاثنين، 10 ديسمبر 2012

Anonymouse - أنونيموس




هذا البوست لا يتناول قصة أو رواية خيالية , بالرغم من أن مضمونه يقترب من الخيال! فكيف يمكن وصف حركة تنطلق من أروقة الإنترنت "لتخلص" العالم من الفساد الذي يعم به بغير كونها قصة تقترب لأفلام المارفلز -marvels - الخيالية؟
 بل أن هنالك العديد من الأمور التي تتعلق بالحركة تلح على متلقيها على اتخاذ موقف متشكك منها ! فهي لا تخضع لأي شكل من أشكال التنظيم , و تعرف نفسها على أنها ميم إنترنت - مفهوم مشتق من الميم الإجتماعي لدى ريتشارد دوكنز- أي أنها وجدت من العدم و أصبحت فكرة متداولة على الإنترنت , إلى أن أصبحت ظاهرة عالمية!
 و يلف الحركة الكثير من الغموض لكن ما هو معروف أنها تعتمد على الحروب الرقمية و على فئة ( الهاكرز) لتحقيق أهدافها!
 أما عن البداية - حسب ما ورد في كتاب "فوز ساحق لأنونيمس"- فقد كانت مع موقع 4chan المشهور بكونه مكانا للفوضى على الإنترنت , ومن الفوضى وجدت الفكرة , و من الفكرة بدأت الأعمال تنعكس على أرض الواقع! مثل شن هجمات الحرمان من الخدمة; إذ  صدر مؤخرا حكم على أحد الهاكرز المتهمين بشن هجمة حرمان من الخدمة DDOS attack على موقع باي بال paypal ! و لقد قام الهاكر بفعله هذا انتقاما لموقف باي بال من منظمة ويكيليكس !  كما أن هنالك العديد من الصور التي ألتقطت أثناء تحركات شعبية حول العالم لأشخاص يرتدون قناع لرجل مبتسم و هو أحد رموز حركة أنونامس - مقتبس من "فيلم v for vendetta":






أيضا أوردت محطة السي أن أن فيلما وثائقيا عن الحركة مدته 14 دقيقة و 11 ثانية : 


و يمكن القول أن الصخب الإعلامي الذي تناله هذه الحركة دليل على أمر من اثنين : إما أنها ترجمة لرغبة (جهة معينة عاقلة وغيرمعروفة النوايا) ولكن الحركة اكتسبت طابع شعبي لاحقا , أو أنها فعلا أحد الظواهر الغريبة و المخيفة نوعا ما في زمن الإنترنت , لأنه حين يصبح الجميع معني بالتصدي المباشر للفساد فذلك يعني فوضى عارمة,  و ليست كل فوضى يمكن اعتبارها فوضى خلاقة , لكنها بالتأكير مثيرة للاهتمام كعالم الأنونيموس.

السبت، 8 ديسمبر 2012

البؤساء 2012







نترقب في الكويت أول عرض لفيلم البؤساء بتاريخ 3-1-2013 , و يلعب دور البطولة كلا من هيو جاكمن - بدور الفار من العدالة جان فالجون - و راسل كرو - بدور رجل القانون جافير- . 

الفيلم سيعرض في الولايات المتحدة في 25 من الشهر الجاري , و من ضمن التقييمات الأولية نذكر تقييم موقع (الأي أم بي دي ) الذي أعطى الفيلم  7.7 نجوم من أصل 10 , كما حصل على 3 مراجعات نقدية إيجابية , 3 متوسطة , وواحدة سلبية . و يصنف الفيلم على أنه : غنائي/درامي/رومانسي.

 الدعاية الرسمية الخاصة بالفيلم :


المقطع التالي هو جزء من الاحتفالية الموسيقية بمناسبة مرور25 سنة لعروض البؤساء الموسيقية , يترجم روح القصة التي تتناول معضله أخلاقية فحواها : عندما لا يكون هنالك ترادف ما بين العدالة و القانون , و حين يصبح القانون أداة لتعميق الفجوة ما بين الذين يملكون و الذين لا يملكون و ليس أداة انصاف للحق... أين ستقف؟ هل ستلعب ضمن قواعد الأمر الواقع خوفا من الفوضى العارمة؟ أم تثق في قدرتك الخاصة على تحقيق العدالة و تتحدى جميع العقبات بما فيها كونك نفسك مجرد فرد غير معصوم عن الخطأ؟






الجمعة، 7 ديسمبر 2012

تلخيص كتاب (مقدمات لدراسة المجتمع العربي) لهشام شرابي






في خضم الأحداث الصاخبة في الوطن العربي و انقسام الساحة لعدة آراء حول ما يحصل , وجدت نفسي أزور أحد أهم الكتب في تشخيص الواقع العربي و تحديد مكامن الخلل التي تمنع التغيير, و تجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب يعتبر قديماَ نسبيا حيث تم اصداره عام 1984 , لكني أرى أن بعضا من التشخيصات التي يقدمها لاتزال مشاكلا حية في مجتمعاتنا الحالية , كما أني لا أزال أؤمن بالحل الذي يقترحه , لذلك قررت نشر ملخصا لهذا الكتاب الذي يقدم دراسة تحليلية نقدية للمجتمعات العربية.
يبدأ الكتاب بمذكرات تطورية لفكر الكاتب , إذ يتحدث الكاتب عن حياته و أهم الأحداث التي أثرت على فكره , و يحدد حدث حرب ( السته أيام)  عام 1967  كعلامة فارقة في حياته , حيث أصبح بعدها  أقل اجتماعيةً, و تغيرت نظرته للواقع الذي يعيشه.  كذلك أوضح الكاتب بأنه متأثر بفكر كارل ماركس , فبعد مروره بتجربة (الصدمة) أعاد قراءة كتبه و خلص لنتيجة مفادها : أن الثقافة المسيطرة تخضع الفرد لقيمها و بالتالي يعجز الفرد عن الرؤية بعيدا عن الإطار الذي حددته له الثقافة المسيطرة مسبقا , لذلك قرر أن يتبع آلية " التحرير الذاتي" لكي يتمكن من فهم واقعه بعيدا عن الصور النمطية التي تعيد إنتاج نفسها ضمن الثقافة المسيطرة. و جاءت صدمة ( أيلول الأسود) لتدفعه نحو البدء بهذه الدراسة التي تستند على سؤال رئيسي و هو : ما هو سبب ضعف المجتمع العربي؟
للإجابة عن هذا السؤال طرح الكاتب الفرضيات التالية :
     1-   ذات العقل تتكون تدريجيا من خلال عملية التفاعل الاجتماعي.
2-   أن الذات منظمة تنظيما تصاعديا.
3-   أن الإنسان عبارة عن حصيلة لعوامل وراثية.
4-   تصرفات ومواقف الوالدان يؤثران بطريقة أساسية في طريقة نمو الشخصية.
5-   أن للتربية الأسرية دور حاسم في تعيين نوعية الشخصية .
6-   أن موضع الطبقة الاجتماعية تؤثر على الشخصية.
و علية يتطرق الكاتب للأساس الذي تبنى عليه مجتمعاتنا العربية ألا و هي ( الأسرة), و يخضعها للتحليل النقدي, فيخلص إلى عدة استنتاجات منها : أن أغلب الأسر المشكلة لمجتمعاتنا تصنف على أنها (أسر ممتدة) , و ينتقد أنواع العلاقات التي تفرزها هذه الأسر خصوصا العلاقة الهرمية/السلطوية ما بين الذكر الأكبر سننا و بقية أفراد الأسرة , كما ينتقد طريقة اختيار شريك الحياة في هذا النوع من الأسر. كذلك يبدي الكاتب ملاحظة مهمة بشأن انعكاس نوع التربية التي تتعرض لها الفتاة في هذا النوع من الأسر على شخصيها , فبعكس التصور السائد عن شخصية المرأة في المجتمعات العربية , يرى الكاتب أن الذكر يعد محور اهتمام الأسرة و بالتالي يكون أكثر تعرضا للتعامل السلطوي, مما يعكس قصورا في شخصيته , و في المقابل فإن اعتبار الأنثى عضو ثانوي يمنحها مجال أكبر لتطوير شخصيتها بشكل مستقل! و بشكل عام يؤكد شرابي على أن الطفل الذي يتعرض لأسلوب السيطرة يكتسب عادة الخجل لأنه يعلمه أنه عاجز عن تحقيق الاحترام الذاتي لذلك لابد من التصدي له.
أما بالنسبة للتعليم فيرى بأنه يتميز في الوطن العربي بصفتين : الأولى : أنه لا يتعامل بمنطق الإقناع و المكافأة . و الثانية : أنه يزيد من أهمية العقاب الجسدي. فالطفل العربي نادرا ما يناقش حول قضية معينة , و أغلب الأوقات يستخف برأيه! كما أن المعلم يستخدم معه العقاب الجسدي كوسيلة ضبط , بل أنه يستخدم أكثر أنواع العقاب الجسدي مذلة ألا و هي (الصفعة) مما له آثار مدمرة على تطور شخصية الطفل.
و يتوجه الكاتب للأسر المشكلة للطبقة البرجوازية الإقطاعية في الوطن العربي و يخضعها للفحص فيخلص لثلاث صفات تميز هذه الطلقة و هي : الإتكالية , العجز , و التهرب! و يوضح أن هنالك ثلاث مواقف نموذجية تنتشر في هذه الطبقة توضح الصفات آنفة الذكر و هي : -موقف المتنبئ بالكارثة , و موقف التثبيت بعد وقوع الأمر , و تضخيم المصاعب و العقبات التي تعترض سير أي عمل أو ممارسة!! و هذه المواقف تتجلى بوضوح في الحياة السياسة لهذه الطبقة و التي تتميز بالسلبية, لذلك لا تشارك سياسيا , و لا ترى بأن بمقدورها التأثير على مجريات الأحداث.
أيضا أسهم الكاتب في نقد (المثقف العربي) كونه أصبح يعكس مكانة يسعى الفرد العربي لنيلها فقط لا غير! و يؤكد على أن هنالك ضعف في صفوف المثقفين العرب يعكسه تدني مستوى الانضباط العلمي و المنهجي , و العجز عن التمكن الكامل للغات الأجنبية! و يرى أن المثقف العربي يشعر تجاه نظيره الغربي بمشاعر تتراوح ما بين : إعجاب الحاسد و الشعور بالعجز , و هو الأمر الذي ينعكس في تبجحه الدائم "بأمجاد" المفكرين و العلماء العرب القدماء.
و بناء على ما تقدم يؤكد الكاتب على أن السبب الرئيسي الذي يمنع الشعوب العربية من التغيير و التقدم هو : أن التغيير لابد أن تسبقه معرفة صادقة للذات , و ذلك بدوره يتطلب نقد الذات , لكن الإنسان العربي للأسف دائم التبرير لذاته و يستخدم أسلوب التمويه حتى مع نفسه! أيضا يؤكد بأن استيراد نموذج غربي ناجح لن يحل لنا الإشكالية لأن العلة تكمن في الذات ! فلا يمكن علاجها بمجرد نسخ إنما لابد من :
    1-   رفض التمويه 2- استعادة الثقة بالنفس 3- امتلاك الإدراك النقدي 4- تشكيل المعرفة الذاتية !

في النهاية يؤكد الكاتب على أنه لابد من إعادة النظر في العلاقات المتعلقة بالطفل , والمرأة , و ما بين العرب بشكل عام , و التخلص من عادات المجتمع " البطركي" و "النيوبطركي" لكي نتمكن من اتخاذ أول خطوة في اتجاه التغيير. كما يرى أن هنالك مهام عديدة ترتبط بفئة المثقفين ستلعب دورا محوريا في إحداث التغيير , و قد ربط كل منها بنوع معين من المثقفين : فهنالك الأدباء و الكتاب الذين يربطهم بمهمة النقد و التقييم و التوعية , أما المعلمون و الأساتذة فلخص دورهم في التعليم و التثقيف , و أخيرا يذكر أن مهمة التنظيم و التخطيط تقع على عاتق المهنيين و الاختصاصيين. 

الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

شبح الأوبرا , و الحب لا يموت أبدا





تعتبر رواية شبح الأوبرا- The phantom of the opera-  لغاستون ليروي من روائع الأدب الفرنسي , و المثير  للاهتمام أنها في بداية ظهورها - 1909 إلى 1910- لم تلاقي نجاحا كبيرا لكنها حققت نجاحا باهرا لاحقا و تم انتجاج عدة أفلام و عروض مسرحية (برودواي) مستندة عليها مما زاد من شهرتها و نجاحها.
 و قد أنتج آخر فيلم سينيمائي لشبح الأوبرا في 2004 , ولعب دور البطولة الممثل جيرارد بتلر - بطل فيلم 300 الشهير - وأوكلت مهمة تأليف الأوبرا للمؤلف العالمي أندرو لويد ويبر, بينما لاتزال تعرض العروض المسرحية و بنجاح كبير في أنحاء مختلفه من العالم, و بسبب هذا النجاح قرر فريق انتاج العمل المسرحي الأصلي عمل جزء ثاني و أسموه (الحب لا يموت أبدا) - Love never dies- و تعرض حاليا في عدة مدن منها سيدني و لندن.

القصة باختصار تدور حول مغنية أوبرا متواضعه تنقلب حالتها بعد تعرفها على (شبح الأوبرا) لتصبح من أشهر و أنجح مغنيات الأوبرا على الإطلاق! و لا تخلو القصة من الغموض و الدراما.

التالي مقطع لأغنية (شبح الأوبرى) من فيلم (شبح الأوبرى) 2004 , و مقطع لأغنية (الجمال القابع تحت) The beauty underneath  من مسرحية ( الحب لا يموت أبدا) 2012: 





الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

السياسي " الصالح"



أحترم كل ذي مبدأ في الحياة وأعتقد بأنه من الفئات النادرة في المجتمع بصورة عامة  وشديد الندرة بصور خاصة في الحقل السياسي ، فكل من يقبل على العمل السياسي يحمل أجندة وأهدافًا يسعى لتحقيقها ، وبسبب تعقيدات السياسة ووجود أكثر من طرف مستعد للتنازل عن جميع مبادئه في مقابل تحقيق هدف واحد من أهدافه نرى صاحب المبادئ الذي يرفض المساومة  يخسر بسهولة ويخرج من اللعبة السياسية ! لذلك يعرف السياسي الصالح بأنه: الشخص الذي يصل إلى الصيغة المثلى للموازنة مابين مبادئه وأهدافه و الظروف المحيطه به ، وعليه نجده في حالة إعادة ترتيب للأولويات شبه دائم لتحاشي التصادم مابين أهدافه ومبادئه في عمله السياسي.
ولنفهم صعوبة تحقيق هذه المعادلة نذكر بأن هناك أطرافا أخرى يجب أخذهم  بعين الاعتبار وهم السياسيون الآخرون "و الأرجح أغلبهم من "غير الصالحين" , ففي السياسة كما يقال لا مبادئ ثابته انما مصالح متغيرة , و ذلك يجعل السياسي الصالح يواجه معضلة أخلاقية بشكل متكرر في عمله اليومي ، ويجبره أحيانا على الاختيارما بين خيار سيئ وآخر أسوأ ، لذا قد يعمل لتطويع الخيارات لكي تكون متفقة مع الحد الأدنى من المبادئ التي ترضي ضميره , و لن يسلم كذلك من النقد!
إذًا نتفق على أن المجال السياسي مجال صعب يندر فيه الإنسان الذي لايقبل المساومة على مبادئه وتكثر فيه المساحات الرمادية ، ولكي تكون سياسيا ناجحا و صالحاً عليك أن تتقن فن قراءة تحركات الآخرين وتفهم أهدافهم والمبادئ التي يستندون إليها ومن ثم تقوم بترتيب أولوياتك بالتنسيق بين أهدافك ومبادئك الخاصة.
شخصيا أفضل السياسي الصريح الذي لايدعي بأنه قديس ،وأن كل تحركاته مدفوعة بحس أخلاقي عالٍ خالصٍ ، والذي يعترف بالمواقف التي اضطر فيها لاتخاذ قرار صعب ، ويقوم بشرح وجهة نظره التي دفعته لترجيح كفة على أخرى ويتحمل تبعات الاختيارات التي قام بها تحت الضغوط ، فهذا هو واقع الحال .. ومن يقول غير هذا إما أنه يكذب أو يتصور بأنه يعيش في عالم طوبائي غير واقعي.

ملاحظة : تم اقتباس الصورة مدونة بالو الساخرة