الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

كيف أصبحت غبيا ! مراجعة رواية






قرأت هذه الرواية قبل سنتين تقريبا، ولقد استمتعت بها كثيرا، إلى درجة اني ضحكت أثناء القراءة، وذلك أمر نادر الحدوث! هي رواية "خفيفة" على الروح، و على الحمل أيضا، إذ ان النسخة العربية تحتوي على 158 صفحة فقط، لذلك هي مناسبة للقراء الذين يحملون كتبهم معهم لتمضية " وقت الانتظار" سواء انتظار موعد في صالون نسائي أو طبيب أو بيطري ...الخ، وتجعلك تنفصل عن العالم قليلا. يمكن القول بأن الرواية فلسفية ساخرة، وقد أصدرت عام 2001 بالفرنسة، وعام 2013 بالعربية، للكاتب مارتن بيج. 

أريد أن أصبح غبيا !!!!!! 

الرواية تحكي قصة الشاب أنطوان، صاحب الضمير الصاحي، والعقل اليقظ، والوعي العميق، كل خطوة في حياته هي خطوة محسوبة بدقة، على سبيل المثال يتحاشى أنطوان شراء سلعة ما على أرفف السوق المحلي،لأنه يعلم بأن المصنع المنتج لتلك السلعة يستخدم الأطفال كعمالة! فبعكس غالبية الناس، أنطوان يقرأ عن كل شيء قبل أن يشتريه، ويهتم بأن لا يساهم ولو بشيء بسيط في تعاسة شخص ما على هذه الكرة الأرضية! وقس على ذلك العديد من المواقف التي أدت إلى أن تصبح حياة أنطوان معقدة وصعبة! لذا قرر أن يقيم وضعه، وتوصل إلى أن "ذكاءه" هو سبب التعقيد و بالتالي تعاسته! وهنا تبدأ الرواية في أن تصبح مضحكة، لأن أنطوان يحاول أن "يتخلص" من ذكائه بطرق "ذكية" ! فيلجأ للكتب، ويقارن ويحلل ... إلخ ويفشل ثم يعيد الكرة، إلى أن تمكن أخيرا من إيجاد طريقة ! وقد أصبح سعيدا جدا من بعدها، وتغيرت حياته، أصبح "دماغه خفيفا" لا يهتم، يشاهد التلفاز و لا يفكر، يمضي ساعات وساعات لا يستفيد منها في عمل مفيد واحد، ولا يشعر بأي وخز للضمير، يأكل، يشرب، ينام ويلهو! هذه هي حياة أنطوان الجديدة! مرتاح البال والخاطر، لكن الأحداث تأخذ منحى آخر وتنتهي بطريقة تبين أهمية الأصدقاء في حياة الإنسان، وأهمية أن يكون الإنسان نفسه ! 

العبرة !

أن تكون متصلا في ذاتك، ومخلصا لما تؤمن به، يكلف كثيرا في عالمنا الحالي، تخيل نفسك تقف في طابور طويل لتحصل على سلعة معينة بينما هنالك طريق مختصرعلى حساب مبادئك، وكل من حولك يستخدم هذا الطريق المختصر، ويصل مبكرا للبيت، ويحصل على قسط كاف من الراحة بينما أنت تصل للبيت متأخرا، وعليك أن تستيقظ غدا صباحا لأن أمامك "طريق طويل صعب آخر" !!! لذا عملية "المسايرة" هي التذكرة الرائجة في التداول بيننا في المجتمعات الحالية، أما المختلف، يتم "تخجيله" باختلافه، أو حتى اقصاءه، كي لا يزعج "النوم الجماعي"! وتختلف درجة تقبل المختلف من مجتمع إلى آخر، ففي المجتمعات المفتوحة، نجد بأن هنالك تعزيزا لقيمة (الفرد) ، وقيم الحرية، وهكذا نجد أن حتى المختلف لديه فرصة بأن يلتقي بمن هو شبيه له، أما المجتمعات المغلقة فهي تميل إلى تعزيز قيمة (الجماعة)، وترويض الفرد في قوالب نمطية جاهزة، تضمن له "السعادة"! إذا هي جدلية (الفرد والمجتمع) مع القاء الضوء على مسألة الثقة في النفس، وبعث الأمل في تلك النفوس الوحيدة، التي تشعر "باغتراب المثقف"، هنالك أمل بأن تجد لنفسك مكانا تشعر بأنك تنتمي له، مكان تكون فيه نفسك، تفهمهم ويفهمونك، إياك عن تتخلى عن ذاتك في سبيل (البلادة المجتعية) هم على خطأ وإن بدوا سعيدين، وأنت صاحب القيمة الحقيقية وإن بدوت تعيسا، وبكلمات الإمام علي رضي الله عنه " لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه". 


هناك 4 تعليقات:

ALI FAYEZ ALRASHEEDI يقول...

سبحان الله...بالأمس كنت أفكر بأنني يجب علي أن أعيش ببلادة وأن أـرك الكتب التي لم أستفد منها ( هكذا زوجتي تقول) وأن أتصرف كما يتصرف من حولي بلا مبالاة أو تأنيب ضمير أو إحترام للوقت...

كأن هذه المقالة أعطتني أجوبة كنت أبحث عنها...

شكراً لك يا سيدتي...

shaikha25 يقول...


@Ali alrasheedi

الشكر لك سيدي على مشاركتك الكريمة
لقد أسعدتني حقا

gnoonelrooh يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
gnoonelrooh يقول...

المؤلف عرض المشكله ونواحيها النفسيه عرض جيد لكنه لم يقدم حلول سوي الرجوع والرضا بالمشكله ذاتها الجديد في الروايه انه بين ان تحقيق الاستهلاكيه والماديه ممكن ولكن المثقف يرفضهم بارادته ويعود الي غربته