الأربعاء، 4 مايو 2011

العلة !

أرض الحضارة ، أرض العزة و الفخر و المجد العريق ، كبيرة هي مساحتها ، و غنية هي في خيراتها ، ارتسمت على تضاريسها ضراوة و بأس شعبها ، و سطر التاريخ روائع ما دار تحت سمائها .... أرض الشهامة ، أرض الكرامة ..... أرض القوة و البسالة .... ( أرض العرب ) نعم أن الدماء التي تسري في عروقنا تنحدر من تحت أمة كانت الأكثر أهمية و قوة في زمن مضى ... كما كانت الأكثر تفتحا و ازدهارا ... لكنها اليوم تقف لتكون النقيض من كل ميزة كانا نتمتع بها .... و السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا ؟ ما الذي أوصلنا لهذه لمرحة التي نحن عليها؟

أذكر مرة أن أحد أساتذتي الذي أدين له بالفضل وجهني ناصحا : " لا تسارعي بطرح الأجوبة لسؤال كهذا ، لأن السؤال المعقد يحتاج لدراسة متعمقة ، و أنتي إن سارعتي بالاجابة فإنك تهمشين الدور الحقيقي للباحثين ، و ترمين بالدراسات و الأرقام بعرض الحائط "

لذا فانني أحب أن أوضح بأنني لا أدعي معرفة الجواب ، و أعي تماما بأن حجم السؤال الذي طرحته كبير لدرجة أن الشخص قد يمضي كل حياته يبحث عن اجابة له و قد لا يجدها ... إلا أنني و بناءا على مجموعة النقاشات و الآراء التي دارت في صفوف الجامعة ، و كذلك الحماسة التي يدافع عنها أساتذتي الكرام عن الفكر و أهميته في المجتمع ، أتصور بأن جزء من العلة لا بد أن يكون له صله في الطريقة التي يفكر بها أبناء شعبنا !

فنحن أمة يعتبر انتاجها الفكري شحيح لدرجة الندرة ! فلا جديد و لا تجديد ، لا بحث و لا سعي للتغيير ، لدينا ضعف في روح التقصي عن الحقائق ، و عدم اكتراث في الكشف عن مسببات الأمور ، فجل ما يهم الأغلبية العظمى من سكان هذا الوطن الشاسع هو المضي بيومه ، أو التأكد من أن مستلزمات الحياة الضرورية متوفرة ، لا شيء يثير فضولنا ، و لا نريد أن نضجر أنفسنا بتحريك الجهاز العصبي الذي منحنا الله لنا لتعمير أرضنا ... قد يتهمني البعض بالمبالغة لكن الأرقام تعكس هذه الحقيقة المرة ، و تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة يعطي صورة أشد سوادا من تلك التي رسمتها للتو .
و كما سبق و أن أشرت فانني لا أرجع سبب تبوؤنا لأدنى درجات التنمية في سلم الحضارة الانسانية لشح الانتاج الفكري فحسب انما أحاول أن أسلط الضوء على تلك الحكمة التي أتى بها
"توماس بين" حين قال : " حين يطرق الرقي باب أمة من الأمم يسأل : أهناك فكر حر ؟ فإن وجد دخل ... و إلا مضى "

و الآن أحب أن أرجع لتوجيهات أستاذي الكريم مرة أخرى و أختم المقالة بتساؤل أثاره بذهني قول مأثور آخر و لكنه هذه المرة لأفلاطون : " نحن مجانين إذا لم نستطع أن نفكر ، و متعصبون إن لم نرد أن نفكر ، و عبيد إذا لم نجرأ أن نفكر "


فأي علة من هذه العلل الثلاث يعاني منها أغلبية سكان الوطن العربي ؟

ليست هناك تعليقات: