الأربعاء، 4 مايو 2011

أنا و الآخر

إن أجمل شيء في الدنيا هو أن ترى هذا العالم بعيون طفل ، فانعكاسات العالم الخارجي الجاف البارد ذو التناقضات المعقدة يتلاشى بعد أن يمتزج بالصور الملونة المشرقة البسيطة في ذهن الطفل ، فكلنا مررنا بهذه المرحلة و كلنا قادر على استدعاء تلك الصورة من مخيلتنا، قد تكون ضبابية أو غير واضحة و لكنها تظل أجمل من الصورة الحالية للعالم بألف مرة ... غير ان استدعاءنا لتلك الصورة عادة ما يرافقه الشعور الذي كنا نحسه و نحن في تلك المرحلة ألا و هو العجز عن احداث التغيير ، فالطفل بحاجة دائمة لغيره ليوفر له كل شيء و بالتالي فإن استمرار وجوده مرتبط باستمرار وجود غيره ... لذا فاننا نريد أن ننضج بسرعة ،لأننا نعتقد بأننا اذما بلغنا سن الرشد فسننتهي مثل أحد أبطال الكارتون التي كنا نتابعها ، "كسندريلا " الشابة الحسناء أو مثل" الدوك فليت" البطل و حامي الأبرياء ، فهذه الشخصيات إذما إعجب بها الطفل و قرر بأن ينتهي كواحد منها عليه أن ينتظر ليصل للسن الذي هي عليه ، فعند الطفل إيمان غريب بأنه ،اذما عبر لدنيا البالغين فإنه سيكون قادر على القيام بأي شيء ، و أن الشيء الوحيد الذي يقف أمامه و أمام تغيير وجه العالم هو ببساطة سنه الصغير .... لكنه سرعان ما يكتشف بأن ضريبة العبور لتلك المحطة هو أن يتخلص من أحلامه الطفولية ، لذلك يرمي بكل تلك الصور الجميلة و يقوم بنفسه بدفن ذلك المنظور الذي تعود أن يرى العالم من خلاله داخل أعمق تجويف في تعرجات عقله ، و تتفاوت درجة التكيف على مسايرة هذا الواقع الجديد من شخص لآخر، لكن في النهاية الجميع يقوم بنفس العملية، الجميع يخسر شيء و يكسب شيء في اليوم نفسه .... نتنكر لاستراتيجيات : " الكل للفرد و الفرد للكل " التي عرفناها من خلال حكايات الفرسان الثلاثة و نتبنى استراتجيات أكثر عملية مثل " الغاية تبرر الوسيلة " التي قدمها لنا ميكافيللي أو " البقاء للأقوى " المنسوبة لدارون ، نتحول من اعجابنا بشخصية تاريخية مشهورة "كروبن هود" ناصر الفقراء إلى التشكيك فيه لأنه في النهاية كان لصا !! نتجاهل من يطلب مساعدتنا لأنه من الأسهل و الأضمن لسلامتنا هو أن ندير ظهورنا للغرباء .... ننفصل عن الشخصية التي تمنينا مرة أن نكون عليها ، و نصغر من حجم الرؤية التي كنا نتمتع بها ... و ننتهي دون أن نشعر من أن نتحول إلى شيء " آخر " ... فأنا أصبح الآخر ... و الآخر يصبح أنا ... و الدليل يكمن في الطريقة التي يدار بها العالم ، فمجلس الأمن دليل على كون "البقاء للأقوى " ، بينما سياسة القمع التي تزاولها بعض الأنظمة العربية تجاه شعبها عادة ما ترتدي عباءة " الغاية تبرر الوسيلة " ، و لدينا سياسات عديدة في منطقة الشرق الأوسط تبين و تشدد على أن المساعدات التي تقدم ليست مجانية ، و أن صورة حامي الأبرياء و الضعفاء غير موجودة ..... فلو ان كل منا تمسك و لو بقليل من تلك النقاوة و الصفاء التي تمتعنا بها في صغرنا لما آلت أحوالنا لما آلت عليه و لما صرنا نشتكي و نمدح عالم الأمس !

ليست هناك تعليقات: