لا أعلم إن كانت الطبيعة الإنسانية تنزح دائما للتركيز على الجانب السلبي في "الحاضر" بسبب واقعيته المفرطه ؟ أم أن "الماضي" يتنكر دائما و يقدم صورا أقل واقعية لنفسه و بالتالي يكون أجمل من الحاضر ؟ لكن ما أعلمه هو أن للماضي سحره الذي يلقي بظلاله على الحاضر دائما و أبدا , فمنه نتعلم , و به نكتشف أخطاءنا , و معه نشعر بعمق تجربتنا الإنسانية.
احدى أحب القصص التاريخية إلي هي قصة تكررت على مسامعي كثيرا لكني أقدرها في كل مرة أسمعها لقوة المعاني و القيم في طياتها , و قد جرت أحداثها عام 1961, إذ التقت مصائر ثلاثة أشخاص عاديين لتكشف عن قوة الرابطة الانسانية التي تجمعنا , و عن قوة اللإرادة الفردية لشخص واحد في إحداث التغيير, فالفرد الذي يحمل في قلبه الشجاعة و الرغبة الصادقة في رفع الظلم عن أخيه الإنسان سيجد آلاف الأيادي التي تمتد له من العدم و تساعده في نيل هدفه النبيل.
بيتر بيتسن يشعل شمعة تلفها الأسلاك "شعار أمنستي" |
هذا بالضبط ما حدث مع المحامي البريطاني بيتر بينيسن , فبعد أن سمع عن سجن طالبين اعتقلا بسبب "رفعهما نخب الحرية", سطر بينسن مقالته التاريخية بعنوان (السجناء المنسيون) , و طالب من خلالها أصحاب الحس الإنساني بأن يستجيبوا لذلك الصوت الداخلي الذي ينزعج من قراءة أخبار في الصحف اليومية كتعرض أشخاص للإعتقال بسبب آرائهم أو معتقداتهم أو توجهاتهم السياسية , و يبدو أن كلماته نجحت في تحقيق مسعاها , و حظت المقالة بتفاعل عالمي سرعان ما تحول لشعار , فتجمع , إلى أن انتهت اليوم كمنظمة دولية غير حكومية تعد من أبرز المنظمات في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم ألا و هي "منظمة العفو الدولية" Amnesty !!
هنالك الكثير من العبر التي يمكن أن نستخلصها من هذه القصة مثل : الإيمان بالقوة الداخلية , الإيمان بالقيم النابعة من الفرد, مد يد العون للمظلومين , ... الخ لكن أهمها هو (المبادرة) فالسيد بيتر فارق الحياة في 2005 لكن الشمعة التي أضاءها لاتزال مشتعله لتضيء طريق المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم .
ملاحظة :
منظمة أمنستي تستخدم أسلوب "كتابة رسائل المناشدة" في الدفاع عن حقوق الإنسان , و للمهتمين في المبادرة فليتفضل هنا
هناك تعليق واحد:
معلومة تستحق النشر
إرسال تعليق