الخميس، 26 سبتمبر 2013

معضلة السجين








من النظريات المثيرة للإهتمام بالعلاقات الدولية وهي مدرجة تحت فئة (نظريات  المباريات) و لشرحها يفترض أن هنالك شخصان قاما بجريمة ما، ولكن لا توجد أدلة كافية لتوجيه تهمة لهما بالرغم من التأكد من أنهما قاما بها، وكل ما يستطيع فعله المحقق هو التحقيق معهما على أمل انتزاع اعتراف من أحدهما، هنا يلجأ لخلق موقف "المعضلة" كحيلة نفسية/عقلية للضغط على المجرمين ودفعهما للاعتراف! وإذا أمعنا النظر في السياسة الدولية نجد بأنها تستخدم دائما لتحقيق مكاسب استراتيجية أو حتى إدارة الأزمات الدولية!

 أما عن تفاصيل المعضلة وكيفية خلقها نجد أن المحقق يحرص في البداية على عزل المجرمين- كل في غرفة تحقيق منفصلة- ثم يطرح عليهما الاختيار التالي بالصيغة التاليه ويوهم كل منهما بأن صديقه في الغرفة المقابلة يقوم بنفس الإختيار حاليا:
 (لديك 3 سناريوهات لإنهاء هذا الوضع: الأول هو أن نحصل على اعتراف منك ومن صديقك وهكذا تحصلان كلاكما على خمس سنوات سجن، الثاني هو أن تلتزم الصمت أنت وصديقك فيتم حبسكما ستة أشهر فقط، الثالث هو أن يعترف صديقك وأنت تلوذ بالصمت فتحصل أنت على عشرة سنوات بينما يخرج صديقك من دون توجيه أي تهمة له! فأي خيار ستتخذ؟)
 وبما أننا نتحدث عن أشخاص عقلاء فأن السلوك العقلاني الأكثر رجوحا هو: كلاهما سيعترفان ويرضيان بالخمس سنوات! لأنك لست بضامن صديقك ، كما أن درجة المخاطرة في السناريو الثاني كبيرة جدا، وهذا سيدفعهما للخيار "المعتدل" ذو نسبة المخاطرة المعتدلة.


لكن هنالك تعقيد بسيط وهو يحصل في حال تكرار نموذج (معضلة السجين) مع نفس الأشخاص! فهم في هذه الحالة فهموا قواعد اللعبة وعليه لا يمكن استخدام نفس الحيلة بسبب وجود الخبرة السابقة، لذلك في عام 1979 حاول روبرت أكسلرود أن يجد الطريقة المثلى للتعامل مع هذه المعضلة من خلال استخدام تطبيق حاسوبي والاستعانة بخبراء علم نفس وسياسة والاجتماع، وذلك أسفر عن تقنية (واحدة بواحدة tit for tat) و هي تتلخص "بتعاون في البداية، وعاقب كل من يخونك بمثل فعله. تبدأ هذه الطريقة بالتعاون، ثم تعيد في كل جولة لاحقة آخر إجراء قام به اللاعب الآخر: إن تعاون تتعاون، وإن خان فتخون".

طبعا إذا كنت واثق من صديقك مليون بالمئة و"تبصم بالعشرة" على مستوى ذكائه فكلاكما ستخرجان من العملية بأقل الخسائر معا لأن كلاكما سيسكت! لكن أين تجد هذا النوع من الثقة في الحياة وخصوصا في عالم السياسة؟ 

ليست هناك تعليقات: