قبل بضع سنوات طلب أحدهم مني المشاركة في استبيان عن اللغة العربية ، و في حينها لم أفهم المغزى من الاستبيان ، فالطالب كان يحاول أن يحدد مدى قدرة اللغة العربية على ترجمة أفكار الانسان الذي يعيش في ظل الألفية الثانية عن طريق التوجه لعينة من طلبة جامعة الكويت بمجموعة من الأسئلة. اليوم فهمت الهدف من وراء بحثه ، فالأفكار تترجم نفسها بعدة طرق : على سبيل المثال الرسام قد يرسم لوحة أبلغ بالتعبير عن مئات الكلمات ، و الأمر نفسه ينطبق على عازف الآلات الموسيقية، أو المصور ...إلخ ، فهل اللغة العربية اليوم قادرة على ترجمة أفكار الانسان العربي الذي يعيش في ظل الانفتاح الثقافي و التفاعل الكبير الذي أوجدته أدوات الاتصال الحديثة؟
شخصيا أجد نفسي أستخدم اللغة الانجليزية بكثرة للتعبير عن أفكاري، و أجد إيقاع اللغة العربية بطيء جدا بالمقارنة مع اللغة الانجليزية أو حتى اللهجة العامية. فبدل أن أستخدم جملة "إني أتضور جوعا" فهنالك كلمة واحدة تحقق نفس المعنى باللغة الانجليزية و هي : starving! كذلك بالنسبة لشبه جملة "الهاتف المحمول" التي يقابلها كلمة mobile . و من جهة أخرى لا أستطيع التعامل مع محتويات الهاتف المحمول باللغة العربية! فترجمة المفاهيم التكنولوجية لجمل و شبه جمل أصعب من فهم و حفظ كلمة واحدة باللغة الانجليزية بالنسبة لي.
أما بالنسبة للطالب فلا أعلم ماذا توصل له من نتائج لكني أتصور بأن الجيل الجديد لا يجيد استخدام اللغة العربية في التعبير عن أفكاره ، فمن المعروف أن اللغة هي وعاء الثقافة و انها من المفترض أن تكون كائن حي يتطور مع تطور الثقافة و بإيجاد مفردات و مفاهيم جديدة. فأغلب المفردات التي نستخدمها اليوم و التي تتجاوب مع أفكارنا إما معربة أو عامية ، ولا عزاء للغة العربية !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق