الأربعاء، 2 سبتمبر 2015

عرب

 
 

أشعر بأن الموضوع والسؤال يئن ألما كلما طرحه أحدنا، وأكاد أجزم بأنه يقطر دما كلما وجد منفذا في صورة نشرت بموجز الأخبار أو صورة على صفحات الجرائد، وحتى مدونتي، كل ما تناولته في هذا الصدد تتوارى خلفه مشاعر مهترئة مشبعة بالجروح، ويا للأسف لا نزال  في مرحلة السؤال بالرغم من الشيب الذي غطى الرؤوس والتجاعيد العميقه في الوجوه، لانزال, ولا نزال نجلد أنفسنا حتى تزرق جلودنا فننسلخ كما تنسلخ الثعابين عن جلدها، فيتجدد الألم ويتجدد الشعور بالضياع في براثين السؤال.

نحن متخلفون! نعم م ت خ ل ف و ن! بالرغم من الجهود والخيرات التي ننعم بها، قد يجادل البعض بأننا دول "نامية" ولسنا متخلفة، كما أن دول الخليج " رعوية" وعليه كذلك لا نصنف "متخلفة" لكن ان أخذنا بعين الاعتبار حجم الخيرات وكمية الحروب غير المبررة في المنطقة فنحن أقل من متخلفون! نحن آلات تدمير ذاتي! نحن قوة تحرق أطرافها, وها هو واقعنا يصرخ بذلك, فعلى مستوى المجتمع لانزال تحت سطوة التصور ( الذكوري- الأبوي- البطركي) المطعم بأسوأ ما حملته " العولمة" من ثقافة, لاتزال "النماذج النمطية " تسيطر على الأفراد ، وكل من يخرج عن هذه النماذج يجد نفسه وكأنه اقترف جرما لمجرد اختلافه! أما على مستوى الدول فأقل ما يمكن ذكره هو غياب الأمن عن المنطقة، ومستويات الفقر، والبطالة المقنعة، والفساد الإداري، وتردي مستويات حرية الرأي.

والأمر من واقعنا الحالي هو الحلم الذي يثير جنوننا للحظات بين حين وحين، كصحوات الموت نرى كم هائل من الحماس غير الموجهة، فقط رغبة عارمة ونشاط مفاجئ، ليس له جذور عميقة في الواقع، وهكذا تتوارى كالسراب بعد أن تفرز لنا بحماس شديد لوحة جميلة، تدوم لفترة بسيطة، لكنها لا تنمو، لا تتحرك، لا تتغلغل في النفوس، لا تجد صدى في العقول والقلوب ، وهكذا، ترحل، كما جاءت، من حيث لا نعلم وإلى حيث لا نعلم. 

 أما تلك التي تجد صدا حقيقيا لدى العرب فدائما تتوشح (الدين)! لنكن صريحين وواقعيين، لا شيء يحاكي عامة الشعوب العربية اليوم غير الدين، وهو واقع الأمس في مناطق معينة في العالم، لكننا دائما نجادل باسم "الخصوصية" ! وهكذا تمضي حياتنا إما ندافع أو نهاجم أو نستوحي منه نماذج للدولة، والبعض طبعا نقل قرائته المتشدده من النظري للعملي, فبات يحرق، ويغرق، ويدفعهم من فوق المباني "باسم الدين"! وهكذا فتحوا المجال لتنبؤات هانتيغ تونغ بأن تصدق ! والمضحك المبكي أن هنالك من هو معجب به "داخليا" لكنه لا يقر بذلك ! أما البقية فتضيع وقتها في الدفاع عن "الاسلام المعتدل" والذي لم يكن قط محورا لاشكالياتنا أساسا! 

في هذه المدونة تناولت آراء مفكرين عرب وأجانب تعرضت بشكل أو بآخر لاشكاليتنا، وكنت نفسي متحمسة جدا لفكرة أن الانفتاح الثقافي وتبادل المعارف والحوارت المفتوحة التي أوجدها عالم الانترنت سيساهم بايجاد نوع من الوعي ويطلق حركات للاصلاح، لكن ما أن دققت وجدتها أما تفتقر للعمق أو تخفي أجندة لا تمت بصلة بجوهر شعاراتهم ! أريد أن أؤمن ، أريد أن أثق في سواعد وعقول ترعرت في ربوع قلب "العالم القديم"،لكن عند الفشل لدى أول خطوة وهي مصارحة الذات لمعرفة مكامن الخلل، وعلى أي مستوى؟ على مستوى "مفكرين" و "صناع رأي عام" و "كتاب" !!! فكيف لي أن أؤمن؟ إذا كان جل اهتمام "الكاتب" هو "اضافة البريق" لصورته لتبدو وكأنها تنتمي لعالم أفضل من عالمنا؟ كيف أؤمن و "الناشط السياسي" يقيم اعتبارات جمة لأمور في جوهرها أساس للتخلف؟ حتى "الناشط في مجال حقوق الإنسان" من يراقب على فترة طويلة يجد أنهم يستخدمون ذلك كباب لدخول لعالم السياسة لا أكثر ولا أقل، ولا أعتبر استخدام السياسة لصالح حقوق الإنسان أمر خطأ لكن في معظم الأحيان للأسف يحدث العكس.

أعلم أن ما سطرته جد محبط، وأن "التعميم" الذي استخدمته قاس، خصوصا على هؤلاء الذين يبذلون في مجالهم، فهنالك كأي موضوع "شواذ عن القاعدة"  ، لكنني أعتقد أن هذه "السوداوية" تتناسب مع الواقع المسطر على صفحات الجرائد خصوصا منظر الأطفال السوريين الغرقى ، واليمنيات اللاتي أصبحن يتجولن في الشوارع لبيع المناديل، وتدمير الآثار الحضارية في العراق وسوريا، الأمهات الممسكة بجندي جاث على ولد في فلسطين، تفجير المساجد في منطقة الخليج العربي، وأحكام الجلد، والرجم ...الخ بل أن ما سطرته يتحول لرمادي فاتح بالمقارنة مع حيوية الصور التي تعودت العيون عليها وأصبحت في فهم الأطفال " الحياة العادية" ، إن ذلك ليس بمبكي فقط  بل يغرس نصولا تمعن في الايذاء في القلب وبيد من نحب، وكما يقول مظفر النواب "اغفروا لي حزني وخمري وغضبي ... وكلماتي القاسية ... بعضكم سيقول ... بذيئة ... لا بأس ... أروني موقفا أكثر بذائة مما نحن فيه ... ".


 
يا عرب لا يسعني إلا أن أكون صادقة وأن أتفاعل مع ما يصلني من أخبار من ثنايا ربوعك وأرسله للعالم لعل وعسى في الفهم مواساة لحالنا، وتنبيه لمن يعتقد بأنه غير معني وغير مرئي بالرغم من مركزه والقوة التي يتمتع بها ، فأنت لست حرا مادام أخوك ليس كذلك.
 
اللاجئين السوريين يغرقون على السواحل الإيطالية

أمهات فلسطينيان يحاولن إيقاف جندي اسرائيلي جثى على طفل فلسطيني وسبب له كسورا
 
تفجير المسجد الصادق - الكويت

تدمير الآثار في مدينة خور سيباد شمالي الموصل - العراق

تفجير معبد تدمر - سوريا

سيدات يمنيّات يتعاونّ على نقل قوارير غاز إلى منازلهن في صنعاء رغم الوضع الأمني غير المستقر.

ليست هناك تعليقات: