في الآونة الأخيرة زاد الحديث حول وسائل الإتصال الإجتماعي و دوره في حياتنا , سواء من ناحية تأثيرة على الإقتصاد أو السياسية أو حتى النواحي الثقافية , اليوم حضرت جزء من الجلسة النقاشية عن دور مواقع التواصل الإجتماعي في الترويج للثقافة التي أقامها المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب , و بالرغم من ان حظي العاثر سمح لي بحضور جزء بسيط من الجلسة إلا اني سعدت بالاستماع للأسئلة كما أن أصدقائي قاموا بتزويدي بتصوراتهم و انطباعاتهم عن الجلسة بعد انتهائها , لكن لا أعتقد بأن ذلك يخولني الحكم عليها , لذا سأكتب ما أعرفه عن الإنترنت و أثره في حياتنا, و هو من صلب الدراسة التي أقوم بها حاليا .
هل الإنترنت بشكل عام , و مواقع التوصال الإجتماعي بشكل خاص تؤثر على حياتنا اليومية ؟ و إذا كانت الإجابة بالإيجاب , ما هو حجمه , و هل التأثير سلبي أم إيجابي ؟
نرى بأن المفكرين و الباحثين اختلفوا في الإجابة عن هذا السؤال , فالبعض يهمش من دور الإنترنت و قدرته الحقيقية على تغيير الواقع , بينما البعض الآخر يرى في الإنترنت أداة جديدة تساهم يوميا في خلق واقع جديد , فلم يحصل قط في التاريخ البشري أن يكون لدينا كم هائل من التفاعل الإنساني دون أن تكون للحكومات دور فيه , فأكبر شكل من التفاعل البشري كانت تمثله الحروب , أما اليوم فلدينا "مواقع التفاعل الإجتماعي" و التي تبين الأرقام بأنها ظاهرة بحد ذاتها . و لقد ترجم الحماس لأثر الإنترنت الإيجابي على حياتنا تيار " التكنوطوبائية " و لعل ترشيح الإنترنت لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2010 أحد الأشكال المترجمة لذل الحماس . و في المقابل لدينا انتقاد شديد للتيار التكنوطوبائي , و أبرز الناقدين له هو أفغني موروزوف - صاحب كتاب وهم الإنترنت - الذي يرى بأن هنالك مبالغة في تصوير الإنترنت كأداة سلام و تمكين الشعوب في وجه الإستبداد و الظلم , مشيرا إلا أن الإنترنت له جانب مظلم لا يمكن إغفاله عند الحديث عنه .
إذا رجعنا للتاريخ نرى بأن هنالك سلسلة من الأحداث التي تبين بأن الإنترنت له دور ما , فالبعض يعتقد بأن الثورات العربية هي الوحيدة التي سلطت الضوء على هذا العامل الجديد لكن في الحقيقة فإني اطلعت على أكثر من حدث و أكثر من دراسة تدعم هذا الإدعاء , فعلى سبيل المثال تناول الباحث جشوا قولدستن الثورة البرتقالية في أوكرانيا في 2004 و توصل لنتيجة مفادها " في حين أن مجموعة واسعة من العوامل أثرت على أحداث و نتائج الثورة البرتقالية , فإن الإنترنت و الهواتف الذكية أثبتت بأنها أدوات فعالة للناشطين المؤيدين للديمقراطية " (غلولدن , 2007 ص19) . من جهة أخرى هنالك أكثر من دراسة تبين بأن الإنترنت لعب دور إيجابي في حملة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مثل دراسة (تأثير الإنترنت على العمل السياسي: أوباما نموذجا) , إذا يمكننا القول بأن الإنترنت يلعب دورا ما في عالمنا اليوم لكن هنالك عامل ضابط و هو موقعك في هذا العالم و هو يتعلق بموضوع الفجوة الإلكترونية و التي يطول موضوع التعامل معها لكن بشكل عام الإجابه على الجانب الأول من السؤال برأيي هو : نعم .
أما عن القسم الآخر من السؤال الذي يقول : ما هو حجمه , و هل التأثير سلبي أم إيجابي ؟
أعتقد بأن هذا هو السؤال الأهم , و الذي لابد من طرحه و هو الدافع الذي جعلني أذهب للجلسة الحوارية اليوم , و هو السؤال الذي أطرحه عليكم مع التنويه بإني قد أستخدم ما يكتب لخدمة أسباب علمية .
المراجع :