لاحظت إني في البوست السابق لم أعرف مصطلح الثقافة السياسة و اكتفيت بوجهة نظر متخصصه حول مفهوم السياسة الثقافة المدنية , و لربما كان ذلك غير مناسب للعرض في مدونه لأن القارىء لا يمتلك دوما خلفيه عن الموضوع, لذا قررت أن أتناول مفهوم الثقافة السياسية بمفهومها العام ثم أنتقل للوسيلة التي تؤثر عليها مع ربطها بالموضوع السابق .
ما هي الثقافة السياسة ؟
"يقصد بالثقافة السياسية مجموعة المعارف والآراء والاتجاهات السائدة نحو شئون السياسة والحكم، الدولة والسلطة، الولاء والانتماء، الشرعية والمشاركة. وتعنى أيضاً منظومة المعتقدات والرموز والقيم المحددة للكيفية التي يرى بها مجتمع معين الدور المناسب للحكومة وضوابط هذا الدور، والعلاقة المناسبة بين الحاكم والمحكوم. ومعنى ذلك أن الثقافة السياسية تتمحور حول قيم واتجاهات وقناعات طويلة الأمد بخصوص الظواهر السياسية، وينقل كل مجتمع مجموعة رموزه وقيمه وأعرافه الأساسية إلى أفراد شعبه، ويشكل الأفراد مجموعة من القناعات بخصوص أدوار النظام السياسى بشتى مؤسساته الرسمية وغير الرسمية، وحقوقهم وواجباتهم نحو ذلك النظام السياسى. ولما كانت الثقافة السياسية للمجتمع جزءاً من ثقافته العامة، فهى تتكون بدورها من عدة ثقافات فرعية، وتشمل تلك الثقافات الفرعية : ثقافة الشباب، والنخبة الحاكمة ،والعمال، والفلاحين، والمرأة.. الخ." *
و بشكل مبسط الثقافة السياسة هي منظومة القيم و المفاهيم و المعارف التي تضبط سلوكنا تجاه النظام السياسي. ولقد فرق ألموند و فيبرا كما تناولنا في البوست السابق بين 3 أنواع نقية من الثقافة السياسية و انتهوا بنتيجة أن تواجد نسب معينة من هذه الثقافات تخلق لنا الثقافة السياسة المدنية و التي نحتاجها لبناء الديمقراطية , فالثقافة المشاركة مهمة و ضرورية و لابد أن تكون نسبتها الأكبر في المجتمع لكن إذا كان الجميع معني و الجميع يشارك فإن ذلك سيعطل النظام السياسي من وجهة تظر ألموند و فيبرا لذا استنتاجهم كان ضرورة وجود خليط بين هذه الثقافات الثلاث ووجود درجة من الاستسلام و الروتين لكي يكون هنالك مجال للنظام بأن يتحرك مع جعله يؤمن بأن التغيير ممكن و ذلك يفعل الرقابة الذاتية .
إذا لكي تكون الدولة ديمقراطية يجب أن يكون نمط الثقافة السياسية السائد فيها هو : الثقافة المدنية .
لكن ما وسيلة التأثير على الثقافة السياسة؟ كيف تصنعها أو تعدل الثقافة السائدة؟ الجواب هو عنطريق " عملية التنشئة الإجتماعية "political Socialization
هيربت هيمان كان أول شخص استخدم هذا المفهوم في كتاب " التربية السياسية " عام 1959 , و عرفها على أنها : " تعلم الفرد لمعايير اجتماعية معينة عن طريق مختلف مؤسسات المجتمع تساعده أن يتعايش سلوكيا معه " إذا هي عملية تعلم ضمن مؤسسات , و لنكون أكثر تحديدا نتناول المؤسسات المعنية بعملية التنشئة السياسية في أي مجتمع :
أولا : الأسرة :
ممكن أن يؤدي ادخال الطفل في عملية اتخاذ القرار يزيد من درجة شعور الطفل بالأهلية للمشاركة السياسية و ذلك يساعد على خلق استعداد للثقافة السياسية المشاركة ، كذلك جعل الطفل مفتوح لتقبل الآخر من خلال وضعه في ظروف اجتماعية مفتوحة .
ثانيا : المدرسة :
ممكن زرع الولاء في نفوس التلاميذ من خلال اقرار مقرر خاص بالمواطنة .في هذه المرحلة ، أو ممكن أن تعزز قيم العنصرية أو تقلل في نفوس التلاميذ من خلال فرض بيئة معينة في المدرسة و بين التلاميذ ، فالبيئة التي فرضت على ذوي البشرة الداكنه في جنوب أفريقيا كان يعزز من العنصرية . كذلك ممكن أن يكتسب التلميذ بعض المهارات الخاصه باللعبة السياسية ، ولأنها مرحلة مبكرة يمكن التأثير على الأفراد بشكل أكبر ومباشر و نحثهم على التوجه لأي ثقافة نريدها سواء خاضعة، ضيقة أو مباشرة.
ثالثا : المنظمات الدينية :
يجادل ألموند بأن عودة الأصولية أصبحت تدخل بشكل كبير في رسم السياسات بالشرق الأوسط و تؤثر على الثقافة السياسية لدينا و هو أمر لا يخفى على أي شخص يعيش في هذه المنطقه فالمؤسسة الدينية لاتزال ناشطه في المجال السياسي و لديها تنظيماتها وطرق تأثيرها على المجتمع.
رابعا : مجموعة الأنداد :
مجموعة الأنداد تشمل الأصحاب و المعارف و مجموعات العمل الصغيرة ، و من منا لم يتأثر بصديق له أو برفيق في فترة حياته ؟ فالشخص قد لا تكون لديه ميول سياسية ولكنه يطور ميولا سياسية تأثرا بصديق يحبه أو يحترمه .
خامسا : المهنة :
تعتبر من قنوات ايصال المعلومات المهمة ، فالعمل و المنظمات التي ننتمي لها قادرة أن تؤثر على اتجاهاتنا و سلوكياتنا تجاه النظام .
سابعا : وسائل الإعلام :
تلعب دور هام في بث التوجهات و القيم بطريقة مباشرة و غير مباشرة، و هي من الأدوات التي تمتلك قيمة تأثيرية كبيرة خصوصا في وقتنا الحالي .
ثامنا : الأحزاب السياسية :
طبعا في الدول التي لديها هذا التنظيم السياسي، نجد أن الأحزاب تسعى لتنشيط المجتمع وحثه على المشاركة السياسية، ويوظف كل قدراته لجذب الناخبين، ورفع درجة الوعي السياسي- ولو كان بهدف تأكيد أفضليته على خصومه من الأحزاب الأخرى.
تاسعا : الاتصال المباشر مع البنى الحكومية :
أي الاتصال مع الشرطة ، مع الوزارة أو أي جهة حكومية يساهم في خلق اتجاه لدينا .
عاشرا :البيئة الاجتماعية و الثقافية :
يقصد بها الحروب و الركود الاقتصادي أو الازدهار الاقتصادي و أثر التكنولوجيا و التعليم في تشكيل اتجاهاتنا .
من العشرة أسباب كم عامل قابل للضبط؟ من الأقوى من بين هذه العوامل في الثقافة السياسية للبلد التي تعيش فيها؟ ما الرسائل التي يبثها هذا العامل الأقوى في الثقافة السياسة ؟ موافق على محتوى الرسالة ومخرجاتها؟ أم تجدها بحاجة للتغيير؟ إذا كانت اجابتك أنها تحتاج للتغير= انتقد وقدم البديل.