بذرة تجثو، فأفرع منبثقة بانحناء، تدور وتدور، وعلى الأرض تحبو، شائكة، طلابة للماء، مانعة، لا تفرق بالقتل بين حبيب وعدو، يسقونها شهدا، تطلق غازا يملأ القلب كرها، يسقونها دما، تقذف ما حولها ومن قمم أشواكها لهبا، تحرق الدنيا بما فيها، لا تهتم حتى بجنينها، تجدون مثيلاتها بالتاريخ تجثو، فأفرع منبثقة بانحناء، تدور وتدور، وعلى الأرض تحبو...
لماذا نحارب بعضنا البعض؟
هنالك عدة نظريات ومدارس تحاول أن تدرس الحرب، والأسباب الكامنة وراءها، شخصيا أؤمن بأن لكل أزمة تاريخية أسبابها الخاصة، والتي تتدخل في إنشائها عدة عوامل بنسب متفاوته، مثل: أن تكون دولة في أزمة إقتصادية، وذات نفس عنصري، ومن الناحية العقلانية تحسب بأن ميزان القوى في هذا الإقليم لصالحها، وأن الفائدة تفوق الثمن، أو أن تكون الدولة تشعر بالخطر جراء تعاظم حجم دولة أخرى في الإقليم فتتآمر ضدها "حرب استباقية "...إلخ كما أؤمن بأن الذي يأمر بالحرب دوافعه على الأرجح مختلفة عن الذي يموت فيها، وبعد أن مرت الإنسانية بعدد لا يعد ولا يحصى من الحروب، وتكبدت فدائح كبرى، قرر "المنتصرون" بأن يرسوا نظاما للعالم يمنع نشوب الحروب ويحافظ على السلام الدولي، لكن على ما يبدو فإن هذا "النظام الجديد" المتمثل بمجلس الأمن، لم يمنع الحروب، وذلك جعل الناس تفقد ثقتها به، ولا ترى فيه سوى واجهة لخداع العالم، ومداراة لما أثبته التاريخ مرارا وتكرارا وهي: أنه يستحل دم أخيه بسبب حاجاته ورغباته.
الحرب الوحيدة المبررة وحرب الوكلاء.
1-المصلحة تسير الدول.
2-"الأخلاق" ليست رادعه للدول.
3-لابد من استخدام القوة لردع الدول.
4-لإجبار الدول على الحلول السلمية والتعايش: لابد من خلق توازنات للقوى.
هذه هي الفرضيات التي يدعي العالم بأنه يستند عليها، لذلك فإن الحرب الوحيدة المبررة والقانونية في العالم اليوم هي : الحرب الدفاعية، بمعنى لا تدخل أي دولة في حرب مع دولة أخرى إلا في حال تعرضها إلى إعتداء على أراضيها، لكن عالمنا ذكي، وكحال جميع "المباريات" فإن قواعد اللعبة في تغيير دائم كلما تغير الإنسان وعالمه ومصالحه، وهكذا راج في عالمنا اليوم نوع آخر من الحروب، وهي حروب لا تخرق تعريف الحرب بمفهومها التقليدي، ألا وهي "الحرب بالوكالة" proxy wars - وهي حروب "ذات نفس طويل"، وتقوم على استخدام طرف ثالث لخوض المعركة، مثل استغلال المرتزقة والتي تتلاقى مصالحهم مع الدولة الضد، ومع هذا النوع من الحروب غير التقليدية لابد من استخدام حلول غير تقليدية، فأنت في هذه الحالة تطارد شبحا، فكرة مدسوسة ما بين الجماهير، وليست كيانا حقيقيا، لذا عليك أن ترفع من مستوى الإحاطة والدبلوماسية ورضاء الشعب عنك (المحافظة على الشرعية) ، فهذا النوع من الحروب يستغل مكامن الضعف، لذا فإن أفضل طريقة هي إعدام مكامكن الضعف، والأبواب الخفية التي قد تستغل، مثل الرد على حجج الخصم و الإسراع في عملية الإصلاح من ثم يتم قلب "السحر على الساحر" ، فالدولة "البريئة" يتم تعريتها بعد التحصين الداخلي، ويمكن أيضا استخدام "السياسة الناعمة" سواء كانت اقتصاد أو الدبلوماسية الثنائية...إلخ لحشد التأييد الدولي وتضييق الخناق على الخصم الذي إما سيتغير مجبرا أو سينفجر ويجني على نفسه، ولن يستفيد من أوراق الضغط التي يمتلكها مادامت نقطة الضعف في يدي قد ألغيتها، فمن لا يتغير أمام لعبة البقاء، ببساطة ينقرض!
حرب الحاضر ومستقبلنا
من يدرس التاريخ يتوصل لإستنتاج أنه لا توجد "حرب مقدسة" بل توجد حرب ترفع باسم شعارات مقدسة، ولا توجد حرب شافية، الحرب دائما مؤذية، والقوة هي آخر ملاذ لرفع الظلم بعد وقوعه، وليست أداة لرفع مستوى رفاهية، أو طريق مختصر لزيادة الغنائم! إن "المشاعر الجياشة" مع القوة غباء، والإنقياد وراء "الجمهور" خطيئة، فما نحتاج هو الحكمة والثقة بالذات، اصلاح العيوب بدل من الثورة واتباع نفس أسلوب الآخر، فالعدو يمكن الإستفادة منه لشحذ الذات بدل من إشغال الذات فيه والتشبه بما يفعله، فالمستقبل لا ينتظر المجانين الذين يصرخون "الثأر ولا العار"!! المستقبل للمتروين، لأصحاب النظرة البعيدة التي يقع أصحابها فريسة الحاضر والواقع، للمفكرين خارج الصندوق، للذين يمتلكون في داخلهم القدرة على التحمل والصمود وكسر القيود الذاتية، بدل من تقييد الآخر الذي لابد سيأتي غيره ليستغل الواقع الواهن.
عندما يتحدث الحكماء عن الحرب
- أعلى مستوى من فنون الحرب هو إخضاع العدو دون قتال- صن تزو
- كلما بذلت العرق من أجل السلام، نزفت أقل في الحروب- نورمان شوارتسكوف
- لا تعتقد أن الحرب ليست جريمة، مهما كانت مبررة أو ضرورية- أرنست همنجواي
- لا أعرف ما نوع السلاح الذي سيستخدم في الحرب العالمية الثالثة، لكن الحرب العالمية الرابعة ستخاض بالعصي والحجارة - أنشتاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق