الجمعة، 29 يوليو 2016

مراجعة رواية : ظل الأفعى






 لكل من سيقرأ هذه الرواية: لا أعتقد بأنك ستفلت من التعثر أو الوقوع جراء التنزه بين أسطرها، مرة أو مرتين على الأقل ! فهنالك العديد من الأسئلة والمعلومات "المثيرة للجدل" في أنحاء متفرقة من الرواية، وهو أمر متوقع من الروائي والفيلسوف يوسف زيدان، صاحب رواية عزازيل، الفائزة بجائزة البوكر العربية للعام 2009، والتي أحدثت ضجة كبيرة في العالم العربي، وذلك لجرأتها الكبيرة، إلا أني أرى في (ظل الأفعى) جرأة أكبر بالرغم من أنها سابقة على عزازيل! وعندما أقول (التعثر) أو (الوقوع) أعني بأن القارئ "سيتعثر" فيخفف من سرعة عدوه في هذه الدنيا، ويرفض الاستسلام  (للبديهيات)، أو "سيقع" في مصيبة (التحيز المسبق) التي ستعميه وتجعل منه آله سب وقذف لا أكثر ولا أقل! 

القصة:

الرواية تبدأ مع "بداية النهاية" ما بين زوجين في العقد الثالث من العمر، فعلى ما يبدو أن الزوجة تغيرت نظرتها لزوجها بعد سبع سنوات من "اللاحياة" أو "الحياة السطحية" ، فالزوج انسان "عادي" ذو اهتمامات "عادية"، ويمكن أن نقول بأنه "ذكر ابن الثقافة الشرقية"، يرضى بالقليل، ولا يهمه شيء سوى المظاهر وحاجاته الأولية، لا تحكمه مبادئ أو قيم، يتندر على "الأحياء" أو الذين يهتمون بأشياء أعمق من "الحياة اليومية/اللهو"، فيقابل بالبرود والصد من زوجته التي "صحت" في يوم ما بعد أن تواصلت مع أمها التي حرمها منها جدها، أمها البروفيسورة المرموقة، والتي عاشت في الغربة جراء نزع ابنتها منها بعد موت زوجها، وهكذا يبدأ الزوج في الدخول في مرحلة اليأس، التي في النهاية تؤدي "للكشف عن طبيعته الذكورية الهدامة مقابل الطبيعة الأنثوية الحاضنة للحياة"، وهي الفكرة الأساسية التي تطرحها الرواية، ويدعمها زيدان من خلال الاستعانة بالتاريخ والحضارات القديمة.

كيف ينسج زيدان فكرته؟

كما ذكرت يورد زيدان في البداية قصة الزوجين، ويبين الرجل على أنه المنتهك السطحي العنيف البليد الفاشل ...إلخ بينما هي الجميلة الذكية الناجحة ...الخ لكنها تخسر أمامه بالرغم من "قوتها الناعمة" وتقدمها عليه في ميادين كثيرة لكن من دون "قوة الساعد" تخسر هي ويؤسس هو العالم على هواه. وفي القسم الثاني من الرواية يورد زيدان مجموعة الرسائل التي تواصلت من خلالها الأم البروفيسورة مع ابنتها، ومن خلال هذه الرسائل يحدثنا زيدان عن التاريخ البشري، وكيف أن الانسان القديم عبد الطبيعة الأنثوية وألهها مثل (أنانا وعشتار في الحضارة السومرية والآشورية، وإيزيس في الفرعونية....الخ) وأن الحضارات العريقة كانت تولي المرأة مكانة مرموقة جدا وتوليها أهمية أكبر من الرجل، لكن شيئا فشيئا انتزع الرجل منها هذه المكانة، و"قلب المقدس إلى مدنس" فأصبح العالم مبني على مبدأ "القوة"، وأصبحت هي "مكمل" لحياته هو، وعندما وعت لذلك، أخطأت الطريق وأصبحت تنادي "بالمساواة بين الجنسين" وتفهم نفسها كما يفهم الرجال أنفسهم، بينما الصحيح هو أن تنادي في عالم يفهم طبيعتها كما تفهمها هي! وهكذا من خلال القصة والرسائل يبين لنا زيدان وجهة نظره التي قد تبدو للبعض متطرفة ومتحيزة للمرأة.

"الجرأة" 

لا أعتقد بأن هذه الرواية مناسبة لجميع الأعمار، ولا أنصح بها "للقراء المبتدئين" ولكن من وجهة نظري فإن ما أورده زيدان وصنف "كجرأة زائدة" في بعض أجزاء الرواية لا يقارن بجرأة الأفكار التي يوردها في أجزاء أخرى، بالرغم من "تخفيفها" و"توريتها" لكنها وصلت إلي شبه واضحة! وعليه أنصح من ينوي قراءتها تجاوز التفكير الحسي إلى التفكير الفلسفي/النقدي في أصل الأشياء في عالمنا، وإلى التاريخ الانساني، وإلى الميكانيزم العجيب الذي يحكم العلاقة ما بين الرجل والمرأة. 
على سبيل المثال أذكر سؤالا أورده زيدان في حديثه عن مكانة المرأة في الجاهلية، وهو: إذا كانت ظاهرة وأد البنات منتشرة في الجاهلية، كيف تكاثر العرب بهذه الأعداد الكبيرة؟ ويورد الجواب بأنه لم يصلنا خبر موثوق من زمن ما قبل تدوين القرآن بأن تلك العادة كانت منتشرة، وحتى الآية التي ذكرت الوأد " إذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت" "قد نفى عنها الفعل بالكلية" -ص115 - ويؤكد بأن مكانة المرأة كانت عالية إلى درجة أن هنالك قبائل اتخذت أسماء تنسب للأنثى مثل قبائل كندة وثعلبة ...الخ 
أيضا يستخدم زيدان "اللغة" للكشف عن تلاعب الزمان والوعي الإنساني في المعاني، فمثلا كلمة (شاطر) تستخدم اليوم للدلالة على شيء إيجابي بينما أصل الكلمة هي : الانسان الذي "أعيا أهله خبثا" ! كما أن كلمة "بعل" مشتقة من الإله بعل الذي عبد في الجاهلية بينما "حرم" للرجل، أي أن صفة وجودها تعتمد عليه في الأساس. 

بقي أن أشير إلى أن الرواية متوفرة في مكتبة ذات السلاسل ( لا أعلم إذا كانت متوفرة في مكان آخر) تكلفتها (دينارين كويتي) ، الناشر ( دار الشروق)، عدد صفحاتها (170) . 






السبت، 16 يوليو 2016

بوكيمون قو !!!!





الكثير من التنظير والآراء المتاضربة حول اللعبة الأكثر شهرة حاليا في العالم، ألا وهي لعبة (البوكيمون قو) في هذا البوست سأتناول الحقائق المدعمة بالمصادر، ثم رأيي المتواضع، وأترك الحكم للقارئ الكريم. 



أولا : صناع اللعبة - المطورون 


حسب ما تشير إليه المصادر المتوفرة، فإن البداية كانت عبارة عن تصور لكل من السيد   ساتورو إيواتا - الرئيس الرابع والمدير التنفيذي لشركة نايتندو (شركة متعددة الجنسيات) و السيد تسوينكازو إيشيهارا - الرئيس والمدير التنفيذي لشركة بوكيمون- المسؤوله عن تسويق منتجات وألعاب البوكيمون-، لكن المسألة لم تدخل حيز التنفيذ إلا بعد أن ظهرت لعبةإنغرسـ وهي لعبة من نوع تعزيز الواقع  صممتها شركة نياتك لصالح شركة غوغل، وباختصار اللعبة تعتمد على وجود فريقين (المتنورون والمقاومون) ولفوز أي فريق على اللاعب المنضم أن يزور أماكن معينة من خلال استخدام تطبيق اللعبة على هاتفه المحمول وجعله بلون الفريق الخاص به، لذا- وحسب ما ورد - أعجب السيد تسوينكازو باللعبة ووجد فيها ما يحاكي تصوره للعبة البوكيمون، وهكذا تم الاتفاق مع شركة نياتك لتطوير لعبة بوكيمون.

لكن ... التاريخ ! 

المثير للريبة هو أن المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نياتك - السيد جون هانك- يبدو أنه في وقت سابق استلم تمويل من السي آي إيه لتطوير برنامج أسمه (كي هول)* وقد تغير اسم البرنامج بعد أن استحوذت عليه شركة غوغل، من كي هول إلى (غوغل ايرث) !!!
 إذا الشخص نفسه مطور (غوغل ايرث) بتمويل من السي أي إيه هو أيضا مطور لعبة بوكيمون قو !!! وذلك جعل البعض يقف موقفا مشككا من اللعبة، خصوصا وأنها وحسب ما تورده في اتفاقية تحميل اللعبة تملك صلاحيات كبيرة جدا، إذ إنك بقبولك للتحميل لا تمتحها صلاحيات الاطلاع على كل ما يتعلق بحساب غوغل بل القدرة على التعديل كذلك! 


لعبة الواقع المعزز  - إنغرس

السيد جون هانكس، الرجل خلف ايجاد تطبيقات : غوغل إيرث وبوكيمون غو



منطق لعبة (البوكيمون): "افتح الكاميرا هنا تماما!"

قد يكون العنوان الجانبي مضللا نوعا ما للبعض لكنه يختصر العملية! فعلى غرار لعبة إنغرس فإن لعبة بوكيمون قو تستخدم خرائط غوغل "كساحة للعب" أي أن العالم بأسره يعتبر نطاقا للعبة، وعندما تفتح التطبيق وتقوم بعملية مسح للمكان الذي تقف فيه، فإنه ينبئك في موقع "البوكيمون" ، وعليك اصطياده عن طريق الاقتراب من الموقع و"إلقاء الكرة عليه" عن طريق فتح كاميرة الهاتف النقال ومسح المنطقة المتواجد بها "البوكيمون" ! وعندما امتلاكك لعدد معين من البوكيمونات، تستطيع أن تشترك في قتالات افتراضية عن طريق التوجه لنقطه يتواجد بها عدد من اللاعبين. 

طبعا آلية اختيار مواقع البوكيمونات ونقاط تجمع اللاعبين للقتال والتدريب غير معروفة، مما ساهم في خلق وجهة نظر مشككة في اللعبة ودوافعها، خصوصا عندما نقرن العملية بتاريخ صانع اللعبة ذو العلاقة مع السي آس إيه.


سكرين شوت من لعبة بوكيمون

وجهة نظري 


في هذه المدونة تطرقت لعدة مواضيع في مجال (السياسة والإنترنت و الأمن والاستخبارات الرقمية) فعلى سبيل المثال ذكرت تنظيم العيون الخمسة الإستخباراتي في نهاية بوست (الأخ الأكبر يراقبك ما بين 1984 و2016)، وتناولت موضوع (اختراق الأجهزة الذكية)  و (أنونيمس)  وغيرها - يمكن الدخول على المواضيع المذكورة من خلال الضغط عليها- ، ومع ما جمعته وقرأته من معلومات حول لعبة البوكيمون قو، بالاضافة إلى تفحص منطق اللعبة أجد نفسي أميل لجهة المشككين بها، خصوصا عندما أعود للتاريخ الإنساني السياسي والقاعدة المشهورة فيه ألا وهي "إلباس الذئب ثوب الخروف"، فهنا تتحول اللعبة إلى أداة استخباراتية جبارة، لكني لا أجزم بشيء، ولا أستبعد كونها "مجرد لعبة كلية" إنما أستبعد ذلك بقوة، فاللعبة برأيي تشبه "حصان طروادة"، والأسماء المطروحة لا تبدو "بريئة تماما" بالنسبة لي، وأنا على علم بكثير من الآراء الأخرى، ومن دواعي سروري استقبال أي انتقاد أو رأي مخالف لما أطرحه مدعم بالمعلومات أو حتى منطق سليم في المكان المخصص للتعليقات في هذا البوست. 


https://en.wikipedia.org/wiki/John_Hanke  
https://www.youtube.com/watch?v=6qrP7LJWx6k&feature=youtu.be