الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

برتقالي و أزرق


 


تاريخيا يرتبط اللونين البرتقالي و الأزرق من الناحية السياسية في " الثورة البرتقالية" التي حدثت في أوكرانيا عام 2004 إذ أن اللون الأزرق كان يرمز لمؤيدي الحكومة بينما اللون البرتقالي اتخذ كرمز من قبل الحراك الشعبي , و تميز الحدث بحراك شبابي مع استغلال الإنترنت لشن الحملات الإعلامية المضادة للإعلام الرسمي , و هو الأمر الذي يشبه "إلى حد ما" ما يحدث اليوم في الكويت , فالمظاهرات في أوكرانيا بدأت مع إصدار مرسوم جمهوري بحل البرلمان الأوكراني و الدعوة لانتخابات جديدة مما قوبل بالرفض من زعيم الأغلبية المعارضة في البرلمان لكونه غير دستوري مما أسفر عن بدء سلسلة المظاهرات سميت لاحقا بالثورة البرتقالية, و لقد تم تحقيق مطالب الثوار و أصبح رئيس المعارضة رئيس الدولة لكن من المفارقات المضحكة/المبكية هي أن نفس الرئيس الذي قامت الثورة من أجله رجع للكرسي الرئاسي بواسطة الانتخابات بعد انتهاء فترة حكم رئيس المعارضة !

و في الكويت برز اللونان أيضا ليعبرا عن موقفين تجاه تدخل السلطة التنفيذية لتعديل النظام الانتخابي في الكويت , فما الحجج التي يستند لها كلا الموقفين ؟ و كيف سيتم حل المسألة ؟

اللون البرتقالي :
تتفاوت المطالبات في مصاف "البرتقاليون" ما بين المطالبة بإمارة دستورية و رئيس وزراء شعبي , و ما بين الاعتراض فقط على تدخل السلطة التنفيذية في ما يرونه حق تشريعي خاص في مجلس الأمة , أي أنه اعتراض إجرائي. و يمثل التيار المطالب بإمارة دستورية النائب السابق مسلم البراك و مؤيديه , أما التيار الثاني الذي يضم تنوعا أكبر فتترجمه عدة تجمعات و تنظيمات مثل التحالف الوطني الديمقراطي. وعليه يمكن القول أن الاتفاق ما بين عناصر البرتقاليون هو أقرب لأن يكون التقاء مرحلي على نقطة دقيقة و هي " رفض تدخل السلطة التنفيذية في الأمور التشريعية". أيضا نرى في الصفوف البرتقالية ممثلي لآل صباح مثل : عبدالله سالم الصباح. و حسب التقديرات لعدد المشاركين في "مسيرة الكرامة" فإن أعدادهم تبلغ نحو 150 ألف.
و بشكل عام يرى البرتقاليون أنفسهم على أنهم مداد للحركات التاريخية التي وقفت في وجه السلطة و طالبت بدور أكبر لصالح الشعب , و يقوي موقفهم ظهور بعض القضايا مثل قضية الإيداعات المليونية , و أحداث ديوانية الحربش , و قتل و تعذيب الميموني , و بالرغم من الاختلاف على طريقة التعامل مع هذه القضايا إنما يتفق البرتقاليون على رفض ممارسات السلطة في هذه الأحداث.

اللون الأزرق :
على غرار الصفوف البرتقالية يحمل اللون الأزرق وجهات نظر متعددة لكن في المجمل يرى هذا التيار بأن الأزمات الأخيرة مفتعله و أن هنالك مخططات و أجندة خفية يهدف من ورائها تغيير الوضع الحالي في الكويت, و يستشهد أصحاب هذا التيار في تاريخ حركة الإخوان المسلمين في و رغبتهم في إرساء نظام ثيوقراطي في الوطن العربي , كما يؤكدون على ولائهم لأسرة آل صباح و يرفضون المطالبات برئيس وزراء شعبي . فهم يرون في التدخل الأميري "طوق نجاة" من سلسلة الأزمات التي استمرت على مدى ست سنوات , و يتمسكون بنقطه كون المرسوم الأميري دستوري , و يحتمون بالقانون , و يرون أن الاستقرار من أهم مطالب المرحلة. لذلك سيشارك أصحاب هذا التيار في الانتخابات و سيترشحون. و من ممثليه : نواب سابقين مثل معصومة المبارك و رولا دشتي و شخصيات عامه . و لا يمكن تقدير عدد هؤلاء لكن من أعداد الشخصيات العامة و عدم حصولهم على تأييد التجمعات السياسية الكبرى في البلد يمكن القول أنه لا تبدو أعدادهم كبيرة .

و كأي حراك سياسي فإنه لابد و أن تكون هنالك بعض الآراء التي لا تتماشى مع أي من التيارين الكبيرين , فهؤلاء لهم حسبتهم الخاصة, و يتفقون في بعض الجزئيات مع التيار البرتقالي و يختلفون بأخرى و نفس الشيء ينطبق مع التيار الأزرق , لكنهم في النهاية سيلعبون دورا في ترجيح أحد كفتي اللونين الأزرق و البرتقالي على الأخرى, لأنه إذا اتفقنا على أن عدد البرتقاليون الملتزمون 150 ألف , فهنالك 250 ألف شخص - من أصل 400 ألف شخص يحق له التصويت تقريبا - موزع ما بين اللون الأزرق و المستقلين , و بسبب  تقارب الأرقام فإن المراهنة ستكون على المستقلين لحسم لون المرحلة الحالية : أزرق أم برتقالي؟

الاثنين، 29 أكتوبر 2012

تلخيص كتاب : العالم مسطح لتوماس فريدمان



تمهيد :
الكاتب يصور لنا جدلية معينة تقول بأن العالم اليوم بات مسطحا نتيجة للتطور التكنلوجي و ثورة الإتصالات الحديثة في العالم ، إن هذا التغيير الكبير لابد و أن له افرازات و نتائج ، بعضها ايجابية و الأخرى سلبية . يقوم  فريدمان بأخذنا برحلة حول العالم من الهند إلى الصين مرورا بالشرق الأوسط ،  ليرصد لنا هذه الاإفرازات و ليحلل نمط العلاقات التي تتكون حاليا في ظل التغيير  ، فنجده يروي لنا قصصا و أحداث جرت له،  أو أخبرت له من قبل أهم الشخصيات في شتى الميادين فهو صحفي ذائع الصيت في الولايات المتحدة و له معارف كثيرة و مهمة في بقع عديدة من العالم مما فتح له الأبواب لالقاء نظرة للعالم عن قرب و هو يدعي بأن ما توصل له بعد كل هذه المقابلات و الرحلات بأن عالم اليوم عالم مسطح ، عالم تتساوى فيه الفرص لظهور من كان أكثر قدرة على التغيير و مواكبة التقدم العلمي و التكنلوجي ، و أهم من كل هذا بأن العالم الجديد يبرز من يتحلى بشجاعة التخيل ، فمن كان قادر على التخيل يمكنه أن يبدع ، و من أبدع تملك العالم .
لذا كمواطن أمريكي نرى فريدمان يحث أبناء وطنه على التمسك بالعلم و أن يتخصصوا ضمن المواد العلمية كالرياضيات و الهندسة و هي المواد التي تشغل الجانب الأيسر من دماغ الانسان ولكن في نفس الوقت فريدمان يحرص على تشديد على أهمية  التخيل و الإبداع اللذان  يقعان ضمن الجانب الأيمن من الدماغ و يمكن تنمية و تعزيزه بالفنون و الآداب   . ففي عالم يقدم فيه المواطن الهندي أو الصيني الخدمات التي يتطلبها الجانب الأيسر من الدماغ بسعر أرخص كالقيام بأعمال البرمجة أو المحاسبة فإن على المواطن الأمريكي أن يحرص على أن يقدم ما لا يكون متواجد في السوق و هو القدرة على الابتكار و الابداع .

فريدمان كما سبق و أن أشرت صحفي لذا فهو يستخدم أسلوب التشويق و الاثارة ليشد انتباه القارئ  فأغلب عناوين الفصول و الأبواب أقرب لان تكون مانشيت ، أي أنه يستخدم عبارات مختصرة و غير مفهومة لشد انتباه القارئ و لحمله على انهاء ما بدأ قرائته ، كذلك نرى بأن كتابة فريدمان لا تتسم بالتكلف و هي  قريبة من الانسان العادي ، فهو يخاطب جيل اليوم الذي يبدأ نهاره بتفقد رسائله الإلكترونية المرفقة في خدمة الهوتميل أو الياهو ، و الذي يقوم بالتجمع في مواقع البلوجات و الماي سبيس ، و الذي يستخدم البلاك بيري و الآيبود كجزء من حياته اليومية . فريدمان يفسر لنا هذا المنظر و يحلل تبعاته على عدة مستويات ، فلمنظر الانسان الحامل لجهاز البلاك بيري و المتصل بجهاز الآيبود و المرتدي للباس الوطني الأفريقي على سبيل المثال معنى و دلالات كثيرة و معقدة  اقتصادية ، اجتماعية ، سياسية ، ثقافية و في شكلها المتطرف قد تكون لنا شبكات عالمية ارهابية  بالنسبة له , فمن الجهة الاجتماعية الثقافية على سبيل المثال تعني بأن الأفراد حول العالم أصبحو أكثر قدرة على التصال ببعضهم البعض ، و تعني بنفس الوقت بأن الأفراد الجالسين في  نفس المكان و الزمان حقا قد لا يكنو مفتوحين للتفاعل مع بعضهم البعض نتيجة لحل التكنلوجيا التي تجعل البعيد مكانا يصبح قريب , و يبعد القريب !
 و يضرب في ذلك مثل رحلته إلى فرنسا اذ أن السائق الفرنسي من الأصول الأفريقية وقف هنالك في المطار حاملا اسم فريدمان ، كان السائق يستخدم السماعة المتصلة بجهاز الهاتف من خلال البلوتوث و كان يتكلم مع شخص ما طوال فترة وجوده مع فريدمان ، بل أنه و في سيارة الأجرة قام بتشغيل أحد الأفلام على شاشة العرض الصغيرة المركبة في بداية السيارة ، فما كان من فريدمان إلا و أن فتح جهاز " اللاب توب" و أخذ يكتب أحد مقالاته و استخدم جهاز الآيبود ليمنع نفسه من سماع المحادثة و صوت الفيلم الذي كان يعرض على شاشة العرض داخل السيارة . ان هذا الموقف حسب تحليل فريدمان قرب البعيد و الذي من الممكن أن يكون والد السائق الفرنسي ذو الأصول الأفريقية و الذي من الممكن أن يكون يتصل بابنه من  أفريقيا ، و بنفس الوقت أبعد القريب و الذي كان يجلس على بعد ثلاثة أقدام من السائق و هو فريدمان .
 و الجدير بالذكر أيضا في حديثنا عن كتاب توماس فريدمان أن نذكر بأنه في بداية بعض الفصول يقتبس  قولا مأثورا لأحد الشخصيات البارزة يبدأ فيه الفصل منهم ألبرت أنشتاين ، السيد ونستون تشرشل ، ونرى كذلك اقتباس  للنبي محمد –ص- و كان خاص بالحث على العلم!


تلخيص الكتاب :

الكتاب يتكون من 635 صفحة دون  الدليل ( index) و لاعتراف و الامتنان (acknowledgment )  و مقسم ل7 عناوين رئيسية  تتفرع منها سبعة عشر عنوان فرعي و الكتاب الملخص هو الطبعة الثانية المعدلة من الكتاب الذي كان يحتوي أصلا على خمسة عشر فصلا .


العالم كما يراه فريدمان مر بثلاث مراحل من العولمة : الأولى كانت منذ عام 1492 -منذ أن اكتشف كلومبوس الطريق التجاري  البحري الذي يصل ما بين العالم الجديد و العالم القديم- إلى حوالي 1800 ، و يقول بأن الدولة هي اللاعب الرئيسي في زمن العولمة 1.0 مفسرا بأن الدولة في هذه الفترة كانت تسعى لأن تكون الأقوى من خلال استحواذها على أكبر قدر من أسباب القوة " العضلية " كما يصفها الكاتب ، فالدولة تقاس بحجم السكان ، مساحة الأرض ، و المواد الخام التي تملكها و تحاول أن تتفاعل مع العالم على هذا الأساس و هو الأمر اللذي قلص حجم الكرة الأرضية من كبير إلى متوسط  . في المرحة الثانية كما يطلق عليها الكاتب 2.0 يكون الملعب ملك للشركات متعددة الجنسيات  ، فالأشخاص يتصلون بالعالم الخارجي من خلال شركتهم التجارية و يحددها فريدمان كفترة زمنية منذ 1800 إلى 2000  إلا أن هذه المرحلة من العولمة تم مقاطعتها interrupted في فترة الكساد الكبيير و الحربين العالميتين الأولى و الثانية و في هذه المرحلة كان البحث عن الأسواق و الأيدي العاملة labor   ، و هي المرحلة الذهبية للإقتصاد العالمي اذ أنها تزامنت مع ثورة الاتصالات الحديثة و بها تقلص حجم العالم من متوسط إلى صغير . المرحلة الثالثة و هي 3.0 و اللتي بدأت في 2000 و مستمرة حتى الآن اللاعب الأساسي فيها هم الأفراد ! فكل فرد قادر اليوم على الاتصال بالعالم و يستطيع أن يستفيد من شبكة الاتصال التكنلوجية و الاقتصادية المتداخلة في العالم و هو الشأن الذي قلص العالم من حجم صغير إلى حجم متناهي الدقة tiny  .  لقد توصل لهذه النتيجه تحديدا  عندما كان في مكتب السيد / ناندان نليكانز nandan nilekani رئيس احدى أهم الشركات الهندية في مجال الاتصالات المعلوماتية  ، ففي اثناء انتظارهما لفريق التصوير لبدئ مقابلة كان فريدمان يجريها لصالح قناة الديسكفري  discovery channelأطلق ناندان تعبيرا بقي راسخا في عقل فريدمان اذ أنه قال   : " Tome , the playing field is being leveled "[1]  ان الترجمة الحرفية لهذه العبارة هي " توم ، ان ساحة اللعب استوت أي أصبحت متساوية " و القصد من التعبير هو القول بأن التنافس قادم من الهند ، فلم يعد هنالك أناس على الهضبة و أناس يقبعون اسفل الجبل ، هنالك تساوي في اقتناء الفرص اليوم  و لا يوجد مسافة تفصل ما بين الدول . في هذه اللحظة استوعب توماس بأن ما يحاول السيد نيليكاني قوله فعلا هو : إن العالم مسطح!    
و أهم خاصية في العالم المسطح حسب ما يقوله فريدمان بأن المنافسة محتمله من أي بقعة في العالم و ليدلل على استنتاجه نرى فريدمان يتكلم عن كيف أن مراكز الاتصال  “ the call up centers التابعة للشركات الأمريكية قد انتقلت من الولايات المتحدة إلى الهند بحثا عن العمالة الرخيصة و القادرة على الانتاج ، فكل ما يحتاجه الموظف في الهند لأن يزاول عمله في الولايات المتحدة اليوم عبارة عن جهاز حاسوب آلي و اتصال بشبكة الانترنت ، لذا فإن معظم الأعمال التي تتميز بالروتينية و البساطة كالرد على استفسارات العملاء " مراكز الاتصال" ،  أو أعمال المحاسبة  - ففي الولايات المتحدة كل مواطن يتعامل مع الضرائب و هنالك العديد ممن يستعينون بشركات أمريكية تقدم خدمة توفير محاسب للمواطنين يسوي لهم ميزانياتهم ،  و فريدمان يشير إلى أن هذا المحاسب الأمريكي يعطي جزء من العمل المكلف له لمحاسب هندي و في نهاية النهار يتم تجميع الميزانية و يتم تسليمها لاصحابها . - كذلك من الوظائف التي يتم ترحيلها للهند هي عملية تشخيص المرض من خلال قراءة الأشعة ، فبسبب التقدم التكنلوجي أصبح ارسال هذه الصور عبر ماسحات ضوئية للصور للهند ممكن ، و يوجد بعض المستشفيات التي يصنفها فريدمان من المستوى المتوسط و المتواضع ممن يريدون زيادة الانتاجية فيقومون بارسال الصور في الليل بتوقيت الولايات المتحدة مما يعني بانه النهار في الهند و يتم العمل عليه و اعادة ارساله مما يعني بأن المستشفى قد ضاعف عدد ساعات العمل من خلال استغلال التكنلوجيا الحديثة . كذلك فإن عملية الحصول على مدرس خاص لأبناء المواطن الأمريكي  لم تعد عملية مكلفة في عالمنا المسطح فالمدرس الهندي مستعد لتقديم دروس خاصة باسعار زهيدة عبر استخدام شاشة الحاسب الآلي ليتم التفاعل المرئي بين الطالب و المدرس  و الهيدسيت – جهاز يسمح للطالب و المدرس بأن يتفاعلا بالصوت- و يجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الدروس الخصوصية يستخدم فيه نوع خاص من البرامج تستخدم فيها القلم الضوئي و الذي يسمح للطالب بان يحل المسائل و الواجبات بطريقة تحاكي الورقة و القلم العادي المستخدم في الفصل .
      فريدمان يرينا وجه جديد للعولمة ويجادل بان القانون الاقتصادي القائل بان "البضائع ممكن أن يتم تبادلها في العمل التجاري من و إلى أي بقعة في العالم  لكن الخدمات فهي لا تستهلك إلا في نفس المكان اللذي تنتج به "[2] قد ثبت بأنه قد تم اختراقه و يضرب مثلا بان قصة الشعر و هي خدمة لا يمكن استهلاكها إلا من خلال التواجد في نفس مكان انتاجها من الممكن اليوم شبه تصديرها من خلال نقل مركز الاتصال من الولايات المتحدة للهند و هكذا عندما تريد قص شعرك يتم أخذ طلبك بالهند و هو جزء من الخدمة الكلية التي التي تتضمن أخذ الموعد و مواصفات قصة الشعر و قص الشعر فعلا  . ففي بنجلور – الهند راتب الموظف اللذي يؤدي نفس وظيفة نظيره في البلدان الرأسمالية يساوي خمس راتب الأخير  [3]  و هذا الأمر من شأنه تحفيز هجرة الوظائف إلى هذه الأماكن .
 بعد أن بين فريدمان الخطر القادم من الهند و التنافس الذي سيتعرض له المواطن الأمريكي في المستقبل على وظائف العمل التي يتم تصديرها للهند،  ينتقل بنا لتوكيو ليخبرنا عن وقائع لقائه هذه المرة مع  السيد kenichi ohmae  المستشار السابق لشركة mckinsey  في اليابان * و صاحب شركة ohmae & associates  حاليا  و ألخص فحوى مقابلته بالقول بأن المصلحة التجارية حتمت على اليابان بأن تنسى خلافاتها التاريخية مع الصين و أن تستغل الخدمات الصينية الرخيصة و المتقنة  مثل البرمجة و تحول الداتا من خام إلى داتا ديجت ، إن  دليان – الصين dalian اليوم  تمثل لليابان ما تمثله  بنجلور – الهند للولايات المتحدة . و لتعزيز استنتاجاته يذهب فريدمان للعراق لزيارة الجيش الأمريكي و لقد ذهل بمستوى التكنلوجيا و القدرة على اتصال القواعد العسكرية مع مركزها في الولايات لمتحدة اذ أنه و بسبب تكنلوجيا الأقمار الصناعية بات من السهل أن تنقل و تستقبل الصور الحية مع وجود شريط متحرك في أسفل الشاشة التي تنقل الخبر يسمح للمعنيين بالأمر بمناقشة هذه الصور سواء كانوا في العراق أو الولايات المتحدة . فالمؤتمرات و المقابلات الحية أصبحت لا تتطلب بالضرورة وجود الطرفين في نفس المكان بصورة مادية ويذكر الكاتب المفاوضات التي تمت ما بين سلطنة عمان و الولايات المتحدة كمثال اذ أن وزير التجارة و الصناعة العماني / مقبول بن علي سلطان لم يغادرمسقط لعقد اتفاقية تخص ازالة الحواجز التجارية و التعريفات ، و لم يستقبل وفد امريكي لبحث الاتفاقية بل تمت الإجراءات عبر the video conference  أي المؤتمر المرئي .

القوات العشر التي سطحت العالم :

فريدمان يرصد 10 أسباب جعلت عالمنا ينتقل من مرحلة العولمة 2.0 إلى 3.0 و يطلق عليهم اسم " العوامل المسطحة للعالم "  و هم   :
1-    عامل التسطيح الأول :"  9-11-89 : موجه جديدة من الإبداع : عندما تهدم الجدران و تصعد النوافذ " [4]. يقصد هنا سقوط حائط برلين فهو بسقوطه أسقط انقسام العالم الأيدلوجي و سمح للعديد منهم من التخلص من نظام جعل الأغلبية " متساوية بالفقر " ليتحولوا لنظام جعل العالم  " غير متساوية بالثروة " و ذلك وحد العالم . أما صعود النوافذ فيعني بها فريدمان صعود شركة ميكروسوفت التي أتت ببرنامج التشغيلwindows 3.0   في 22-5-1990 أي بعد 6 أشهر من سقوط حائط برلين و الذي ساعد على انشار الحواسيب الشخصية   .
2-    عامل التسطيح الثاني : "9-8-95 : موجه جديدة من الإبداع : عندما بدأت الشبكة بالتفرع و النت سكيب اتجهت للعلانية "[5] . الشبكة التي يقصدها توماس فريدمان هي الشبكة العنكبوتية i.e www : world wide web التي أتى بها عالم الحواسيب البريطاني تيم بيرنيرز و لقد صمم أول موقع الكتروني مرفق بالشبكة العنكبوتية عام 1990 ، هذا العامل ساعد كل من امتلك حاسب شخصي بأن يتمكن من مشاركة  ما يود قوله حول العالم ولكنه احتاج متصفح انترنت  net browsers  ليتمكن من البحث عن هذه الملفات و المواقع الاكترونية و هكذا ظهر النيت سكايب و الذي كان أول معالج بحث في العالم و هكذا سهل عملية التعامل مع النت و نقلنا خطوة نحو العالم المسطح .
3-     عامل التسطيح الثالث : تدفق برامج العمل : في السابق كان الشخص الذي يستخدم برنامج تشغيل مثلا لا يمكنه أن يتصل بمن يستخدم برنامج إلا أن أتت برامج العمل و أعطت مقدرة للحواسيب بأن  تتكلم مع بعضها البعض أدى لخلق  a platform على حد تعبير فريدمان أي رصيف يسمح للأعمال بأن تزدهر و أن تتدفق من ككل أنجاء العالم إلى كل أنحاء العالم .
4-    عامل التسطيح الرابع : التحميل uploading  : يقصد بالتحميل هنا المقدرة على ارفاق ما تتنتجه كمبرمج أو مصور أو مخرج أو كاتب ..إلخ ضمن موقع إلكتروني معين دون تكبد أي تكلفة و لا يتطلب الأمر كونك متمرس و خبير في أمور الحاسوب . فتقنية التحميل فتحت آفاق للعمل التطوعي المجاني و بذلك ضربت بعض الشركات المبرجه . فاليوم على سبيل المثال برنامج حماية الحاسوب من الفيروسات antivirus program  لم يعد محتكر من قبل الشركات المبرمجه فهنالك اشخاص تعد هذا النوع من البرامج و بكفاءة عالية و ترفقه بالشبكة العنكبوتية و تجعله في متناول الجميع مجانا مما يضرب شركات البرمجة . و أما عن الدافع الذي يجعل البعض يتطوع ليقدم هذه الخدمات المجانية لجمهور المتعاملين مع الإنترنت يقول فريدمان بانه شعور الشخص بأنه يريد أن يتطلع العالم على مقدرته و مواهبه  to get acknowledge كما أن الغالبية تشعر بالحماس لمجرد التفكير بتحدي شركة عملاقة مثل ميكروسوفت و ذلك يدفع المزيد و المزيد من المبرمجين الشباب لنشر برامجهم و اعمالهم بالمجان.

5-    عامل التسطيح الخامس : outsourcing تعرف في merriam-webster dictionary على أنها  : to procure (as some goods or services needed by a business or organization) under contract with an outside supplier <decided to outsource some back-office operations.[6] و المقصود منه هو أن تقوم الشركة حسب عقود معينة  بالاستعانة بخدمات مقدمة من قبل مزود خارجي. فممكن أن تتجه شركة لأن تستعين بمزود خارجي ليؤدي لها خدمة  الاتصال بالعملاء عبر الهاتف the call up centers  لأن بناء قسم خاص بالرد على المكالمات الهاتفية خاص بالشركة يكلفه  أكثر من الاستعانة بالمصدر الخارجي لذا نرى الشركات تتجه لأن تتجه لهذا النوع الجديد من العمل و ذلك بهدف تقليل التكاليف ، و لا يهم المصدر فأحد الشركات استخدمت ربات البيوت في المنزل كمزود خارجي يمدها بخدمة الاجابة على العملاء بينما ذهب البعض لترحيل الخدمة لبلد مثل الهند و الصين بهدف الاستفادة من الأجور الزهيدة هناك   .

6-    عامل التسطيح السادس :  الانتقال لما وراء الشواطئ  off shoring "  الركض كالغزلان و الأكل كالأسود" [7] :
يقصد بها قدرة صاحب المشروع في أي مكان  بأن يستفيد من العمليات الانتاجية و الصناعية  الزهيدة في دول أخرى و ذلك بحثا عن التكلفة المنخفضة  . فريدمان يعتقد بأن الصين بعد دخولها في منظمة التجارة العالمية WTO في 11-ديسمبر- 2001 [8] و بعد أن تتخطى بعض العقبات السياسية ستكون الأسد ، و على الجميع الركض لكي لا يتم قتله على يد هذا العملاق الاقتصادي فعلامة " صنع في الصين " اليوم تشير إلى أن هنالك أعداد كبيرة من المستثمرين حول العالم تقصد الصين بحثا عن المصنع الرخيص و الأيدي العاملة الرخيصة .
7-    عامل التسطيح السابع : supply chaining : ترجمتها الحرفية تعني : سلسلة المزود : و لشرح معناها يضرب لنا فريدمان مثل لما يحدث في شركة مخازن  wal-mart  المحدودة ، فالمنتجات تصل لبوابات الشركة داخل صناديق مختلفة الأحجام ، يتم فرزها بواسطة أشعة حمراء لقراءة شفرة المنتج ثم و بواسطة آلات و أذرع صناعية يتم توزيع المنتجات على أرفف الشراء ، و عندما يأتي المستهلك و يحمل أحد هذه المنتجات للكاشير فإن الشفرة تعطي اشارة للبلد المصنع الذي قد تكون الصين أو الهند أو أي دولة أخرى لتقول لها بأن هنالك طلب على هذا المنتج لذا الرجاء اعادة صنعه و تصديره لوول مارت  مرة أخرى و هكذا نرى بأن هنالك سلسلة مترابطة لأن الصين ستطلب هي الأخرى مواد خام لاعادة صنع المنتج المطلوب و في نهاية اليوم المنتج الذي تم شراؤه في الأمس سيحل محله منتج جديد اليوم بسبب هذه القدرة على الترابط  .

8-    عامل التسطيح الثامن : insourcing  هي عكس الoutsourcing  فإذا كانت الأولى تعني اقتراض خدمة معينة من قبل مصد خارجي ، الinsourcing  تعني اقراض الخدمة لطرف خارجي ، على سبيل المثال شركة توشيبا المصنعه لأجهزة الحاسوب النقالة the laptop  قد فوضت خدمة اعادة اصلاح منتجاتها لل ups  و هي عبارة عن شبكة تزويد كبيرة تقوم بمختلف الخدمات من ايصال البريد إلى إيصال طلبات المطاعم الخارجية مثل مطعم بابا جونز للبيزا  و هي كذلك تقوم   بتوفير خدمة اصلاح أجهزة التوشيبا العطلانة .

9-    عامل التسطيح التاسع : informing- الإعلام :   و يقصد بها فريدمان القدرة على التزود بالمعلومات باي وقت و عن أي شيء بفضل محركات بحث مثل Google – msn – yahoo  ، هذه الخاصية ساعدت العالم على أن يكون أكثر تسطيحا . و يعرض لنا فريدمان في هذا الجزء مجموعة من الرسائل موجه لشركة Google  الأولى تحكي قصة شخص راودته بعض الشكوك تجاه شخص آخر لذا قام بطباعة اسمه في محرك البحث قوقل و اكتشف أن له سوابق في النصب و الاحتيال . قصة أخرى تسرد وقائعها فتاة كانت تحتاج لأن تتواصل مع مجموعة من الناس لا تتكلم لغتها لذا ما كان منها إلا و أن استخدمت قوقل لترجمة ما تريد قولة و بالفعل فهم الطرف الآخر ما تريد قوله . القصة الثالثة تروي كيف أن قوقل ساعدها بأن تلتقي بزوجها ، فهي مواطنه أمريكية و انتهى بها الأمر لأن تتزوج شخص من المكسيك .

10-                       عامل التسطيح العاشر : steroids " المنشطات " : يقصد بها الأجهزة الشخصية الحديثة مثل أجهزة الهاتف النقال الحديثة المزودة بخاصية الاتصال بالانترنت ، و أجهزة الآيبود ، و المذكرات الشخصية سهلت التعامل مع الحاسوب و سهلت حياة العديدين حول العالم  و جعلت السؤال التالي يصعد من مختلف بقاع الأرض : هل تسمعني الآن ؟ هل من الممكن أن نعمل مع بعض الآن ؟

هذه العوامل ال10 ساعدت على تسطيح العالم ، الكل اصبح نظير للكل حسب وجهة نظر فريدمان ، فالتكنلوجيا ساعدت على تقصير المسافات و على تنمية الوعي لدى مواطنين العالم لذا فالمنافسة قادمة ، و الفرصة  سانحة لأي دولة لأن تقوم بأعتلاء قمة العالم لذا فإن فريدمان يحرص على توجيه أبناء بلده لما أسماه : الوظائف المحصنة  فاما أن تتجهوا للوظائف شديدة التخصص ، أو أن تتجهوا للوظائف التي تتطلب تواجدكم الشخصي في مكان العمل ، أو أن تعملوا ضمن ما أسماه وظائف الطبقة الوسطى الجديدة و هي أعمال تتطلب أن تكون ملما بآخر المستجدات العلمية و بذلك تكون قد استحقيت أن تحافظ على وظيفتك . فريدمان لا يؤيد سياسة العزلة كردة فعل على تسطح الكرة الأرضية و يشير أنه حسب معطيات اليوم فإن الولايات المتحدة لاتزال تمتلك الفرصة الأكبر بأن تظل معتلية عرش العالم ، لذا عليها ان تبقى في اللعبة ، و يضرب فريدمان مثال يوضح ايجابات و سلبيات استمرار الولايات المتحدة بسياسة الانفتاح فيقول  :
لو أن الكرة الأرضية مكونة من دولتين فقط ، الولايات المتحدة الأمريكية و الصين . و ليكن عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية 100 بينما عدد سكان الصين 1000 . من أصل 100 أمريكي هنالك 80 شخص مستوى تعليمه عالي  ، و في المقابل هنالك  80 من ال 1000 صيني كذلك مستوى تعليمه عالي ، و البقية أصحاب حرف متواضعة . يقول فريدمان في ظل فتح الاقتصاد الصيني مع الأمريكي نجد بأن ال ب 80 شخص الأمريكي سيندمجون مع  ال80 شخص الصيني ليكونوا لنا قوة عمل =  160 شخص ذو تعليم عالي لكن بنفس الوقت هذا الانفتاح سيخلق سوق مركب و كبير حجم و يستوعب هؤلاء ال160 شخص الكفئ و ذو الانتاج العالي و سيكون عليهم طلب بسبب ندرتهم و كفائتهم . في اليد الأخرى نرى بأن هنالك 920 صيني ذو حرف متواضعة سيتنافس ضد 20 أمريكي ذو حرفة متواضعة مما سيخلق توجه لاستخدام العمالة الصينية الزهيدة و الامتناع عن تعيين العمالة الأمريكية . و هكذا نرى بأن الاندماج كان لصالح الولايات المتحدة و أنه قضية ال20 شخص أمريكي يجب التعامل معها من خلال تحصينهم و ليس  مساعدهم على الهروب و الانغلاق على الذات .
ففريدمان يحث ابناء وطنه للعمل بجهد أكبر ذلك لأنه يلاحظ تكاسل و تخاذل من قبل المواطن الأمريكي ، فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي خسرت الولايات المتحدة منافسها الذي حفزها لأن توصل رجل لسطح القمر ، بعد هذا السقوط بدأ العداء الأمريكي بتخفيف سرعته ولكن فريدمان موجود لينبهه و ليقول له : الصينيين يقولون بان الثروة لا تظل في نفس المكان لمدة ثلاث أجيال متعاقبة ! ان المنافسه قادمة لذا بدل من أن تخفف سرعتك عليك بمضاعفة جهدك لكي تبقى في المكان الذي أنت فيه . و ينشر فريدمان في كتابه دراسة تبحث في أعمار العاملين في ناسا و نتيجة الدراسة بان عدد كبير من علماء ناسا سيتقاعدون في 2010 وأن المتقدمين لوحدة الفضاء الأمريكية ناسا لا تكفي احتياجاتها . [9]

كذلك في عالم مسطح فإن الدول النامية بحاجة لوقفة صادقة مع الذات ، تحتاج لاعادة اكتشاف مقدراتها و أن تدفع ببلدانها لمزيد من الانفتاح و لأن تعمل على تعديل حكوماتها ، على هذه البلدان الاهتمام بمستوى التعليم و عليها أن توفر البيئة المناسبة و البنى التحتية و الأدوات القانونية  المناسبة التي تسهل للأفراد بأن يثبتوا قدراتهم مع الانفتاح على العالم لأن المنافسة دائما تحفز الأعمال التجارية لأن تزدهر في أي مكان في العالم   . فلكل دولة نقاط ضعف و نقاط قوة و على الدول النامية اعادة تعريف نقاط قوتها و التركيز عليها . و يتكلم فريدمان كذلك عن الثقافة المنتشرة بدول العالم الثالث و يشير إلى أن هنالك ثقافات لا تستطيع استيعاب التغيير كغيرها من الثقافات و هوينوه بأنه  لا يرجع سبب تخلف هذه الدول لثقافتها ولكنه يشير إلى أن الاعتقاد بأن الثقافة لم تؤثر على أرقام التنمية هو أمر ساذج !  [10] و يحذر فريدمان بان الدول التي تستطيع ثقافتها أن تختزل التغيير و أن  تواكب العصر و تغيراته اليوم  في الأرجح بأنها سيتم تخطيها بسهولة في عالم الغد . و يذكر فريدمان المثل العربي الشعبي القائل " أنا و أخي على ولد عمي و أنا وولد عمي على الغريب "  ليقول بأن نمط الثقافة هذا يجب أن يتغير ففي العالم الجديد أنا و أخي وولد عمي أصدقاء لكن أنا و أشخاص آخرين في اماكن متفرقة في هذا العالم تربطنا مصالح تجارية معينة تدفعنا لمزيد من التعاون .
فريدمان يضرب لنا مثال على صعوبة تغير بعض الدول النامية بمصر التي لم تتغير معالمها العمرانية منذ 1974 و حتى 2004 حسب مشاهدات فريدمان ، بينما زار دول أخرى و لم يصدق درجة التغيير الهائل الذي رصدها . فريدمان يرجع السبب إلى غياب الرؤية المستقبلية المعززة للمصلحة العامة و لغياب رغبة المجتمع الجادة و التفاني نحو تحقيق التغيير .
كذلك يجادل فريدمان بأن العولمة لن تمحي ثقافات العالم ، سيكون لثقافة الولايات المتحدة أثر كبير نعم نظرا لانها أكبر دولة. ولكن الهندي سيظل يأكل الكاري و يزاول عبادته الخاصة ، بنما ستظل المرأة الهندية محافظة على لباسها التقليدي " الساري" و يرجع فريدمان السبب لقوة التحميل the uploading  و هي القوة الرابعة التي سطحت العالم ، ففريدمان يشير إلى أن مقدرة اخراج الأفلام  أو كتابة النصوص و الأغاني و تبادلها عبر الإنترنت حول العالم ساعد على تعزيز الثقافات و تمسك الجميع بثقافته ، فالشعوب عندما سمحت لها الفرصة بأن تتخلط ببعضها البعض فضلت أن تستخدم التكنلوجيا الحديثة في تعزيز هويتها الذاتيه و هو أمر ممكن رصده من خلال أخذ محطة zee tv  الهندية كمثال فهي تقدم روح و جوهر الثقافة الهندية بشكل جديد تتماشى مع العصر الجديد  .
 و شبه فريدمان العالم في المستقبل القريب بمدينه كبيرة و أن هنالك شوارع كثيرة ، الأمريكيون سيكونون محاطين بأسوار عالية و سيتمكنون من الحصول على العناية الجيدة ، بينما سيكون الآوربين في غرفة الانعاش و يتم تمريضهم على يد الأتراك ، أما الشارع الصيني سيكون مليئ بالحياة و العمل ، و الهندي ستكون شوارعه قذره لكن القاطنين فيه متصلين بالعالم عبر تليفوناتهم و أجهزة حواسيبهم النقالة ، بينما يكون شارع العرب زقاق مظلم فيما عدا بعض الدول العربية .
و في حديثه عن العولمة يشير فريدمان إلى أن تكنلوجيا الاتصال الحديثة شأنها شأن أي شيء آخر في العالم يمكن أن تستغل بطريقة سلبية ، فعلى سبيل المثال الكاميرات المرفقة مع الهاتف النقال صارت تستخدم لخرق خوصوصيات الناس و التقاط صورهم دون علمهم ، و المواقع الإلكترونيه منها من يروج لأفكار كراهية هدامة ، كذلك فإن عمليات الارهاب و القاعدة قد استغلت هذا العالم الجديد و نظمت نفسها ضمن آلياته و قدراته لذا فإنها وصلت لأن تضرب أكبر دولة في العالم . و هذا الأمر و إن كرهه كل أمريكي لكنه في مقابل الإيجابيات التي يؤمنا العالم المسطح تعتبر ثمن زهيد . فريدمان يعتقد بأن على الدول المتقدمة أن تشجع التخيل في الدول النامية و لكن بنفس الوقت لابد و أن تحرص على ألا يصيب أي أحد الضرر من جراء تلك الخيالات .
كذلك في عملية تلخيص الكتاب لابد و أن أذكر بأن :
فريدمان في هذا الكتاب أتى بنظرية جديدة تفسر سلوك الدولة الصراعي و التعاوني و يسميها the dell theory of conflict prevention   لقد توصل لهذه النظرية من خلال رصد كل العمليات التصنيعية  التجارية التي تمت لكي يتم صناعة جهاز الحاسوب الذي استخدمه لطباعة كتابه هذا the world is flat   و هو من نوع dell  و هذا يفسر سبب تسميتها the dell theory  . ممكن أن نقول بأنها النسخة المطورة من نظرية فريدمان التي أتى بها عام 1999 و المسماه نظرية الماكدونالد و التي تقول بأن الدول التي تمتلك فرع لسلسلة مطاعم مكدونالد الشهيرة لا تدخل في سلوك صراعي مع دولة أخرى تمتلك فرع ماكدونالد ، و لقد وجهت انتقادات لفريدمان مفادها أن لبنان و اسرائيل تمتلكان أفرع لمكدونالد ودخلت في سلوك صراعي ولكنه تصدى لهذا الانتقاد بالقول بأن الحرب لم تكن بين دولة لبنان و دولة اسرائيل و انما كانت بين اسرائيل و حزب الله لذا فإنها تصنف ضمن الحروب الأهلية و لا تبطل صحة نظريته . في النسخة المعدلة يقول فريدمان بان التفاعل بين الأطراف التي كانت تتسم بالتوجس و التوتر مثل نمط العلاقة بين الطرف  تيواني و الصيني تحولت "في اللحظة الأخيرة" [11]على حد تعبير فريدمان لعلاقات سلسلة الامداد supply chain  و التي تقترح بأن هنالك علاقات مصلحة مشتركة تمنع الطرفين المشتركين بسلسة امدادات من أن يدخلوا في سلوك صراعي .
-          فريدمان ذكر بأن البلدان التي لا تمتلك مصادر طبيعية تجعلها غنية تعمل بشكل اكبر لاستغلال كل طاقاتها و توظيهم بشكل سليم ، كما أنه يتكلم عن حاجة الولايات المتحدة لأن تتحول من استهلاك البترول إلى انتاج نوع آخر من الطاقة يسميها الطاقة الخضراء و هي مستمدة من الرياح و أشعة الشمس و حركة المياه .
-         في نهاية الكتاب فريدمان يؤكد على اهمية التخيل و يحث أبناء وطنه على اطلاق العنان لخيالاتهم ، الجيل الأمريكي الجديد عليه أن يكون ملئ بالأحلام الواعدة بدل من الذكريات الأليمة التي خلفها يوم الحادي عشر من سبتمبر .  وللتأكيد على أهميتها يقتبس فريدمان قول لمن عده التاريخ من أهم شخصياته ألا و هو  أنشتاين اذ قال : إن الخيال أهم من المعرفة .[12]



Friedman;thomas, the world is flat , page 7 [1]
Friedman;thomas, the world is flat , page 15 [2]
Friedman;thomas, the world is flat , page 19[3]

 Friedman;thomas, the world is flat , page 51[4]
Friedman;thomas, the world is flat , page 60[5]
 Friedman;thomas, the world is flat , page137 [7]
 Friedman;thomas, the world is flat , page 343 [9]
 Friedman;thomas, the world is flat , page 420 [10]
 Friedman;thomas, the world is flat , page 586[11]
 Friedman;thomas, the world is flat , page 609 [12]

الخميس، 25 أكتوبر 2012

الديمقراطية الكويتية : من أين و إلى أين ؟


يبدو أن الحياة السياسية في الكويت تدخل منعطفا جديدا , و هناك عدة آراء و تحليلات تحاول أن تفك التشابك المعقد في الحالة الكويتية , و ما هذه المقالة إلا محاولة  متواضعة لإثراء النقاش الدائر حاليا حول هذه المسألة و عرض وجهة نظري الخاصة في الأحداث السياسية التي أسفرت لنا عن ما سمي ب" مسيرة الكرامة" .
يقال أنه لفهم الحاضر لابد من قراءة الماضي , ولإدراك أي موضوع لابد من تحليله في السياق الموضوعي و التاريخي له, لذلك نبدأ مع السؤال الأتي : كيف تكونت المسيرة الديمقراطية في الكويت ؟ و ما أهم المنعطفات التي مرت بها؟

بالمقارنة مع محيطها من الدول تعتبر التجربة الديمقراطية الكويتية الأكثر عراقة , فولادة الدستور الكويتي الحالي و الذي أصدر في 1962 سبقته 3 محاولات و هي : دستور 1921 , و دستور 1938 , و دستور 1961 . و يرتبط الدستور الكويتي بشكله الحالي بالأمير الراحل عبد الله السالم و الملقب "أبو الدستور" , فبعد استقلال الكويت من الاستعمار البريطاني في 1961 أوضح الأمير رغبته بأن يكون نظام الكويت ديمقراطيا لذا أصدر مرسوما أميريا يدعو فيه المواطنين للتصويت لتشكيل المجلس التأسيسي الكويتي في 26 أغسطس 1961 بهدف صياغة الدستور , مما أسفر لنا في النهاية عن الدستور الحالي , و للتوضيح نذكر بأن كل من الدستور الأول و الثالث تم إنشاؤهم عن طريق التعيين بينما ترجم الثاني و الرابع مشاركة شعبية .

 و ينص الدستور الحالي في مادته السادسة على أن " نظام الحكم في الكويت ديمقراطي , السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا, وتكون ممارسة السيادة علي الوجه المبين بهذا الدستور" مما يخرج الكويت عن التوجه العام الذي سارت عليه الدول المحيطة بها, و يمكن القول أنه في الحالة الكويتية اجتمعت الإرادة الشعبية مع نخبة سياسية ذات رؤية , مما سمح للكويت بنقلة نوعيه- تكلف في الظروف العادية صراعات و أثمان باهضة - لكننا كنا محظوظين بوجود الرجل المناسب في الوقت المناسب, فبالرغم من بعض النواقص التي شابت ديمقراطيتنا لكنها على الأقل ولدت في محيط ينظر لها على أنها كائن غريب.

 و مع تطور المجتمع تطورت الحياة السياسية , سواء الداخلية أم الخارجية , فعلى مستوى السياسة الخارجية كانت الكويت تلعب دورا دبلوماسيا بارزا في الوطن العربي مما أكسبها ثقلا يفوق حجمها الصغير , أما على المستوى الداخلي فقد كان التأثر في القضايا العربية واضح في تشكيل التيارات و الأفكار السياسية , فكان المد القومي الناصري حاضرا إلى جانب القضية الفلسطينية و أيضا تأثير الحرب الإيرانية العراقية ... الخ فالمواطن الكويتي تجده دائما يتفاعل مع الأحداث العربية و ذلك بسبب تمتعه بهامش من الحرية جعلت الإعلام الكويتي و خصوصا الصحافة الكويتية من أنشط القطاعات المحلية.

لكن كما قلت التجربة الكويتية لم تكن خالية من العيوب, فقد حل مجلس الأمة حلا غير دستوريا في 1976 ثم عاد في عام 1981 بعد أن تم تغيير عدد الدوائر الانتخابية من 10 دوائر ل25 دائرة برغبة أميرية , و علق مرة أخرى في 1986 - من دون تحديد مدة معلومة لعودته على عكس المرة السابقة -مما أفرز لنا "ديوانيات الاثنين" و التي ترجمت رفض شعبي لتعليق الحياة النيابية , لكن بعد الغزو العراقي أكد الشعب الكويتي على شرعية حكم آل صباح و بالمقابل رجعت الحياة النيابية للكويت.

أيضا من العيوب التي ولدت بها ديمقراطيتنا هي كونها عرجاء ! فالكويت كانت تستثني جزءا كبيرا من مكونها المجتمعي ألا و هو العنصر النسائي , و هو أمر يتعارض مع جوهر النظم الديمقراطية المبنية على المساواة و العدالة , و في سياق التطور حدثت أكثر من محاولة لتعديل هذا الأمر , بدأت مع مجلس 1971 عندما قدم النائب سالم المرزوق مشروع بقانون لمنح المرأة حقها السياسي إلا أنها قوبلت بالفشل لعدم حصولها غلى موافقة البرلمان , و لحق مصيرها كل المحاولات التي تلتها و التي حدثت في الأعوام : 1975 , 1981 , 1985 , 1986 , 1992 , 1996, 1997.

و أمام هذا الواقع الغريب و الذي تعرقل فيه الديمقراطية نفسها و تمنعها من التطور وجد أمير البلاد حينها أنه من الضروري التدخل لحسم المسألة لصالح منح المرأة حقوقها السياسية و التي في الأساس من صميم متطلبات الديمقراطية, لذلك استخدم الأمير صلاحياته الدستورية و المنصوص عليها في المادة 71 من الدستور الكويتي و أصدر مرسوما أميريا لمنح المرأة حقوقها السياسية في 25 مايو 1999 , لكن المادة 71 تقترن بشرط موافقة مجلس الأمة على المرسوم الأميري و هو الأمر الذي لم يحصل للأسف , و ظلت المرأة الكويتية دون حقوق حتى 16 مايو 2005 حين منحها مجلس الأمة حقوقها السياسية.

من جهة أخرى نرى بأن الديمقراطية في الكويت شابها العديد من الممارسة المشوه مثل : عملية شراء الأصوات , والفئوية ,و الطائفية , و القبلية , مما دفع بفصل جديد من الحراك السياسي الذي يهدف لمعالجة هذه المشاكل , و جاء الحل عام 2006 مع توصيات اللجنة الوزارية بتقليص عدد الدوائر من 25 إلى 5 دوائر, و شارك في هذا الحراك عناصر شبابية و تم استخدام اللون البرتقالي كرمز للحركة.

نرجع للمشهد السياسي اليوم لنفهمه في ظل المعطيات التاريخية , فمن جانب نرى بأن البرلمان الكويتي لايزال يحمل نفسا طائفيا و فئويا و قبليا , كما أن السلطة التنفيذية لجأت لحل مجلس الأمة حلا دستوريا أكثر من مرة في السنوات القليلة السابقة , و برزت عدة قضايا نسبت "للفساد في الدولة" مثل " قتل الميموني" و التي على أثرها قدم وزير الداخلية استقالته , و قضية " اللحوم الفاسدة" و " الإيداعات المليونية " و على إثرها علت المطالبات بإقالة رئيس مجلس الوزراء و تشكيل حكومة جديدة و هو الأمر الذي تم بالفعل , إذ رضخت الحكومة لمطالب المعارضة و تم تنفيذها.

كذلك برز دور المحاكم في تطبيق القانون الكويتي إذ تم تحويل قضايا الإيداعات المليونية , و الطعن في دستورية مجلس الأمة الحالي و في النظام الانتخابي الحالي , و تم حسم هذه القضايا من قبل القانون مع تحفظ البعض على الأحكام لكن القضاء في الكويت حفظ قصية الإيداعات المليونية بسبب قصور في القانون , و بعدم دستورية إجراءات تشكيل مجلس الأمة السابق , و بصحة النظام الانتخابي الحالي.و بينت بعض المصادر أن الصراع العلني أيضا صاحبه صراع داخل الأسرة الحاكمة ,  مما ساهم في إدخال الدولة في نفق مظلم, لكن الأمير صرح مؤخرا بأنه " تم تطبيق القانون على اثنين من أفراد الأسرة " , و أيضا اتخذ الأمير إجراء آخر و هو استخدام المادة 71 من الدستور لإصدار مرسوم أميري يقضي بتعديل النظام الانتخابي و يقلل عدد الأصوات المسموح بها للناخب الواحد من 4 إلى 1 مع المحافظة على شكل الدوائر ال5 , الأمر الذي كشف لنا عن الأحداث المسماة "بمسيرة الكرامة" .

و بالرجوع لتاريخ الكويت نرى بأن المسيرة الديمقراطية أساسا لم تبدأ كغيرها من الدول , ففي الظروف العادية لا يقلص الأمير أو الملك من صلاحياته و لا بأتي بنفسه ببرلمان يحد من نفوذه , لكن الديمقراطية في الكويت كانت توافقية , كما أن المراسيم الأميرية كانت حاضرة في تقويم الديمقراطية و المثال الواضح عليه هو سعي الأمير لمنح المرأة حقوقها السياسية بعد فشل البرلمان بمنحها هذا الحق , و هو واقع غريب جدا و يتعارض مع المنطق , فالممارسة غير الديمقراطية كانت المتنفس للمطالبة بتعديلات ديمقراطية, و برفضها تم تعطيل المسيرة الديمقراطية 6 سنوات! أيضا من جهة أخرى نرى بأن الشعب الكويتي يرفض أن يكون مجرد تابع و عندما تم التعدي على حقه في المشاركة السياسية شكل ما يعرف بديوانيات الاثنين كجبه معارضة.

في رأيي فإن الحالة الكويتية كانت و لازالت حالة خاصة , و أن علينا أن نكون حذرين في التفرقة ما بين نوعين من السلوك الصادر عن السلطة التنفيذية , فالتجربة العملية يثبت أن ليس كل مرسوم أميري كان تعديا على المسيرة الديمقراطية بل في أحيان كثيرة كان معززا لها و مقوما للعيوب التي ولدت بها , و عليه فمن الأولى أن نحكم على المرسوم الأميري الأخير حكما موضوعيا متجردا من كونه في الأصل " ممارسة غير ديمقراطية" و نعتبرها نقطة إجرائية و نركز على نوع التغيير الصادر عن السلطة التنفيذية , فهل هو لصالح الديمقراطية أو يعرقلها ؟
 شخصيا أجد آلية الصوت الواحد للرجل الواحد تعد خطوه لصالح الديمقراطية , و تساهم في التقليل من الفئوية و الطائفية و القبلية , و ترفع من درجة الانضباط في التصويت , و تسفر عن مجلس أكثر جودة , لذلك لا أرى ضررا في قبول المرسوم الأميري لكسب الوقت و لإكمال مسيرتنا الديمقراطية دون تأخير كما حدث في منح المرأة حقوقها السياسية, و أعتقد أن الكويت لا ينطبق عليها الشروط التي أسفرت عن ما يسمى " بالربيع العربي" كونه جاء للتعامل مع نظم جمهورية مختلفة من حيث المعطيات و التاريخ , فديمقراطيتنا بالأساس توافقية , و لم نمر بمراحل الانقلاب العسكري أو ما شابهها من مراحل مرت بها الدول الأخرى , كما أن الكويت تتمتع برخاء اقتصادي و هي دولة صغيرة من حيث الحجم و عدد السكان , و محاطة بدول عملاقة لذا لابد من التعامل مع الأوضاع بحكمة و التروي قبل اطلاق الأحكام و ركوب موجة الحماس كي لا تتعثر ديمقراطيتنا.