الجمعة، 21 سبتمبر 2012

تعصب و تطرف

في الآونة الأخيرة لاحظت استخدام مصطلحات مثل "متطرف" و "متعصب" بشكل متكرر في النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي، و الطريقة التي يتم استخدام هذين المصطلحين يدل على ترادف المعنى و غياب وجود معيار عام لقياس كل من التعصب و التطرف. فما الفرق بين التعصب و التطرف؟ و هل من الممكن أن يُحسب الإختلاف الموضوعي بالرأي تطرفا أو تعصبا؟
يعرف موقع ويكيبيديا التعصب على أنه "التعصب هو شعور داخلي يجعل الإنسان يرى نفسه على حق ويرى الآخر باطل، ويظهر هذا الشعور بصورة ممارسات ومواقف ينطوي عليها احتقار الآخر وعدم الاعتراف بحقوقه وإنسانيته" بينما نرى بأن التطرف يعرف من الناحية الاجتماعية على أنه "
الخروج عن المفاهيم والأعراف والتقاليد والسلوكيات العامة. " . و من التعريفين نستنتج أن التعصب أصعب من التطرف من ناحية تشخيصه ، فالأول شعور داخلي يتجلى بسلوك بينما الآخر سلوك أو فكر خارج عن المألوف ، و بينما يمكن أن يكون التطرف أحد عوارض التعصب لكنهما ليس بسيان، فالتعصب أخطر من التطرف لأنه كما أشرت شعور داخلي أي أنه منصهر بكينونة الانسان و بعقله الباطن و بالرغم من أنه قد يظهر في سلوك أو أفكار معينة لكن "الأنا" تتمكن أحيانا من المراوغه لتضليل المتلقي لذلك أعتبره قبحا كامنا. أما التطرف فبالرغم من أنه أسهل من التعصب في التشخيص لكنه أيضا أسهل من ناحية الخلط بينه و بين الاختلاف الموضوعي، فالتاريخ يثبت أن كل فترة تحكمها منظومة قيم تختلف عن سابقتها و لاحقتها و عليه ما صنف على انه تطرف في الماضي أصبح رأي مختلف في الحاضر ، لذلك نحتاج للتروي في اطلاق الأحكام و الاستفاضه بطرح الأسئلة مع الحرص على الاستقبال بعقلية مفتوحة ، فإن سقطت أحد النقاط في منطق المناقش يمكن لك أن تنتقل للبحث عن تبرير آخر لفكره أو سلوكه .
إذا التعصب أكثر خطرا من التطرف كما أنه عادة ما يحمل في طياته معاني العنصرية و يمكن الاستعانة بمعايير حقوق الانسان للتعرف عليه أما التطرف فهو أقل ضررا خصوصا إذا كان فكرا و إذا وجد في مجتمع لايزال في طور التغيير و لم يثبت على سقف للحرية يرتضيه الجميع لأنه قد يكون في الواقع اختلاف موضوعي بالرأي.

الخميس، 20 سبتمبر 2012

لماذا تراجع الوسط؟ و لماذا أحترم كل وسطي؟

الوسط الديمقراطي هو قائمة طلابية في جامعة الكويت ، تتمتع بأسس و مبادئ واضحة ذات طابع ديمقراطي / مدني، و تعتبر القائمة الأقدم في تاريخ الجامعة. فمنذ تأسيس الوسط في ١٨ ديسمبر ١٩٧٤ اكتسح صناديق الاقتراع إذ سيطر على مقاعد الهيئة الادارية منذ عام ١٩٧٥ إلى ١٩٧٩ ، و بالرغم من النجاحات المتفرقة في عدد من الكليات في السنوات التي تلت هذا النجاح لكن بشكل عام نلاحظ بأن شعبية الوسط تراجعت خصوصا في السنوات الأخيرة ، فما سبب ذلك؟
أعتقد أن هنالك سببان للمشكلة ، الأول يتعلق بادارة القائمة و الآخر يتعلق بالمبادئ التي تنادي بها. أما عن الشق الأول الفني فنجد أن قيادي الوسط من الناحية الكم آخذة بالتنازل مما يؤثر على التنسيق و التنظيم ووضع الخطط الاعلامية ، و هذا الامر بطبيعة الحال انعكس سلبا على صناديق الاقتراع ، و ذلك يقودنا للمشكلة الثانية و الاساسية و هي المبادئ! فالقائمة تنادي بالعدالة و حرية الرأي و المساواة و رفض العنصرية و جميع أنواع التعصب و هي مبادئ تعكس في جوهرها الأيدولوجية الليبرالية الموصومة بالعار أساسا في المجتمع الكويتي ، فالليبرالية في العقلية الكويتية ترادف معنى "الانحلال الأخلاقي" لذلك نرى الطلاب يتحرجون من التوجه لهذه القائمة و يفضلون قوائم مبهمه أكثر أو متسقه مع التيار الكويتي التقليدي الديني السني المحافظ.
إذا مبادئ الوسط مقرونة بمعطيات المجتمع الكويتي الحالي تفسر سبب عدم شعبيته ، و لكن ماذا عن القلة التي تتجاوز التحرج و تتجه للوسط؟ في رأيي فان ذلك دليل وعي و ادراك بأن الليبرالية ليست مرادفة للإنحلال الأخلاقي ، فأن تكون حرا لا يعني أن تتجرد من الأخلاق و لا تعني الفوضى، فمحاسبة الذات و الشعور بالمسؤولية سمة المجتمعات الحرة أما محاسبة الغير ممثلة بجهة معينة فلم و لن تفرز مجتمعات ذات أخلاق عالية، كما أن الوسطي أدرك بأن الواضح أفضل من المبهم الذي يساير و لا يسمي الأشياء بأسمائها كحيلة منه أو كالتفاف على الواقع لأن في النهاية إذا تشابه السلوك ما تبرير انشاء قائمة جديدة ؟! أما القائمة المبنية على طائفة دينية لا تتناسب مع طبيعة الحياة الأكاديمية و هو أمر لا يخشى الوسطي من اقراره و تحمل نظرة المجتمع السلبية له فهو يقول ما يراه حق و من هنا أتى شعار القائمة "شعلة الحق" و لذلك أحترم كل وسطي.